[تفسير قوله تعالى:(وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة إن الله بما تعملون بصير)]
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ}[البقرة:١١٠] يحثهم تعالى على الاشتغال بما ينفعهم وتعود عليهم عاقبته يوم القيامة من إقام الصلاة وإيتاء الزكاة حتى يمكن لهم الله النصر في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد {يَوْمَ لا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ}[غافر:٥٢]؛ ولهذا قال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}[البقرة:١١٠] يعني: أنه تعالى لا يغفل عن عمل عامل ولا يضيع لديه سواء كان خيراً أو شراً، فإنه سيجازي كل عامل بعمله.
وقال أبو جعفر بن جرير في قوله تعالى:((إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)): هذا الخبر من الله للذين خاطبهم بهذه الآيات من المؤمنين أنهم مهما فعلوا من خير أو شر، سراً وعلانية فهو به بصير، لا يخفى عليه منه شيء فيجزيهم بالإحسان خيراً وبالإساءة مثلها، وهذا الكلام وإن كان قد خرج مخرج الخبر فإن فيه وعداً ووعيداً، وأمراً وزجراً؛ وذلك أنه أعلم القوم أنه بصير بجميع أعمالهم ليجدوا في طاعته إذ كان ذلك مذخوراً لهم عنده حتى يثيبهم عليه كما قال تعالى:{وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّه}[البقرة:١١٠] وليحذروا معصيته، قال: وأما قوله: (بصير) فإنه مبصر صرف إلى بصير كما صرف مبدع إلى بديع ومؤلم إلى أليم، والله أعلم].
{وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}[البقرة:١١٠]: هذا خبر بأن من عمل خيراً فسيجده عند الله والله بصير بعمله، فالخبر هنا بمعنى الأمر والامتثال والنهي، والمعنى: امتثلوا الأوامر واجتنبوا النواهي فإن الله مجازيكم على أعمالكم؛ لأنه بصير بأعمالكم خبير بها، لا تخفى عليه أعمالكم، ولا أقوالكم، ولا نياتكم وسوف يجازي كلاً بعمله كما قال في آية أخرى:{فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه}[الزلزلة:٧ - ٨]، وقال:{وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ}[البقرة:٢١٥]، وقال:{وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ}[البقرة:١٩٧].
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقال ابن أبي حاتم أخبرنا أبو زرعة أخبرنا ابن بكير حدثني ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير، عن عقبة بن عامر قال:(سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو يقرأ هذه الآية: (سميع بصير) يقول: (بكل شيء بصير))].
هذا الحديث في سنده ابن لهيعة وفيه ضعف، فالحديث لا يصح.