قال المؤلف رحمه الله تعالى: [حديث آخر: قال الإمام أحمد: حدثنا أحمد بن عبد الملك قال: حدثنا بكار قال: حدثني أبي - يعني عبد العزيز بن أبي بكرة - عن أبي بكرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من سمع سمع الله به، ومن راءى راءى الله به)].
والتسميع يكون في الأقوال، والمراءاة تكون في الأعمال، فـ (سمع) يعني: في القراءة، أو في الذكر، أو في التسبيح، أو في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو في الدعوة إلى الله، وأما معنى:(ومن راءى) أي: في العمل.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقال الإمام أحمد: حدثنا معاوية قال: حدثنا شيبان عن فراس عن عطية عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من يرائي يرائي الله به، ومن يسمع يسمع الله به)].
لفظة الجلالة إذا كان ما قبلها مكسوراً فإنها ترقق وإن كانت قبلها ضمة أو فتحة فإنها تفخم.
وهذا الحديث فيه الوعيد الشديد لصاحب الرياء والسمعة، وأن ذلك من الشرك الأصغر، وهذه النصوص يشد بعضها بعضاً، ويكفي في ذلك هذه الآية:{فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا}، والحديث الصحيح كذلك، وهو قوله صلى الله عليه وسلم:(من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله).
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [حديث آخر: قال الإمام أحمد: حدثنا يحيى بن سعيد عن شعبة حدثني عمرو بن مرة قال: سمعت رجلاً في بيت أبي عبيدة أنه سمع عبد الله بن عمرو يحدث ابن عمر أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من سمع الناس بعمله سمع الله به سامع خلقه وصغره وحقره) فذرفت عينا عبد الله].
يعني: لا يستره عن خلقه، وفي نسخة:(مسامع خلقه) مكان (سامع خلقه)، والأقرب (سامع خلقه)، وهذا من باب المجازاة، فمن يسمع يسمع الله به، ولهذا قال:(اذهبوا إلى الذين كنتم تراءون)، وفي رواية أخرى:(فضحه الله على رءوس الخلائق).