قال الله تعالى: [{وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِينْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ * كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ}[الأنبياء:٣٤ - ٣٥] يقول تعالى: ((وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ)) أي: يا محمد، ((الْخُلْدَ))، أي: في الدنيا بل {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ}[الرحمن:٢٦ - ٢٧]].
وقد استدل بهذه الآية الكريمة من ذهب من العلماء إلى أن الخضر عليه السلام قد مات وليس بحي إلى الآن؛ لأنه بشر سواء كان ولياً أو نبياً أو رسولاً.
وقد قال الله تعالى:{وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ}[الأنبياء:٣٤]، وقوله:{أَفَإِينْ مِتَّ}[الأنبياء:٣٤] أي: يا محمد، {فَهُمُ الْخَالِدُونَ}[الأنبياء:٣٤] أي: يؤملون أن يعيشوا بعدك، فلا يكون هذا بل كل إلى فناء، ولهذا قال:{كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ}[آل عمران:١٨٥]].
الصواب أن الخضر قد مات، ومن العلماء من قال أن الخضر موجود، وقالوا: إنه من المعمرين، وهذا ليس بصحيح؛ لأنه لو كان باقياً لجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وآمن به، وهو إما عبد صالح أو نبي، ولو كان موجوداً لأتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ثم لو قدر أنه موجود لشمله الحديث الذي قاله النبي صلى الله عليه وسلم في آخر حياته، وهو:(أرأيتم ليلتكم هذه، فإنه بعد مائة سنة لا يبقى على ظهر الأرض أحد).
هذا هو الصواب خلافاً لمن قال: إنه من المعمرين، وأنه باقٍ.
[وقد روي عن الشافعي رحمه الله أنه أنشد واستشهد بهذين البيتين: تمنى رجال أن أموت وإن أمت فتلك سبيل لست فيها بأوحد فقل للذي يبغي خلاف الذي مضى تهيأ لأخرى مثلها فكأن قد].
أي: لستُ الوحيد، فقد سبقني غيري.
قال المصنف رحمه الله تعالى:{وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً}[الأنبياء:٣٥] أي: نختبركم بالمصائب تارة وبالنعم أخرى؛ لننظر من يشكر ومن يكفر، ومن يصبر ومن يقنط، كما قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما:{وَنَبْلُوكُمْ}[الأنبياء:٣٥] يقول: نبتليكم (بالشر والخير فتنة) بالشدة والرخاء، والصحة والسقم، والغنى والفقر، والحلال والحرام، والطاعة والمعصية، والهدى والضلال وقوله:{وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ}[الأنبياء:٣٥] أي: فنجازيكم بأعمالكم.