قال المؤلف رحمه الله تعالى: [يخبر تعالى عن أهل هذه الأديان المختلفة، من المؤمنين ومن سواهم من اليهود والصابئين، وقد قدمنا في سورة البقرة التعريف بهم، واختلاف الناس فيهم، والنصارى والمجوس والذين أشركوا؛ فعبدوا مع الله غيره فإنه تعالى:{يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}[الحج:١٧] ويحكم بينهم بالعدل، فيدخل من آمن به الجنة ومن كفر به النار، فإنه تعالى شهيد على أفعالهم، حفيظ لأقوالهم، عليم بسرائرهم وما تكن ضمائرهم].
وفيه دليل على أن من آمن، من أي جنس ومن أي صنف بالله ورسوله واستقام على دينه فله الجنة والكرامة من أي جنس كان، ولهذا ذكر هذه الأصناف، قال تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}[الحج:١٧]، فمن آمن فله الجنة والكرامة، ومن استمر على كفره، فله النار والخيبة، {وَالَّذِينَ هَادُوا}[الحج:١٧] أي: اليهود، {وَالصَّابِئِينَ}[الحج:١٧] أي: عبدة الكواكب، في أصح أقوال العلماء، وفيهم كلام كثير، كما سبق في سورة البقرة، {وَالنَّصَارَى}[الحج:١٧] وهم عباد عيسى ومريم، {وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا}[الحج:١٧] أي: عبدة الأوثان، فالله تعالى {يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}[الحج:١٧] ويجازيهم بأعمالهم، فالمؤمنين لهم الجنة، والكفرة لهم النار، نسأل الله السلامة، والله تعالى شهيد على أعمالهم يحفظها، ويجازي عليها بالقسط والعدل، وله الحكمة البالغة، والحجة الدامغة، سبحانه لا إله إلا هو.