قال الله عن الصلاة:{وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ} يعني: شاقة وصعبة، {إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} الذين خشعت قلوبهم وجوارحهم وانقادت لأوامر الله وعظموا الله وعظموا أمره ونهيه؛ فإنها ليست شاقة عليهم.
قال تعالى:((الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ)) أي: يتيقنون، ((وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ))، فتيقنهم بلقاء الله ورجوعهم إليه يهون عليهم المشاق والمصاعب والمتاعب، فيجعل الصلاة قرة عين لهم.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقال أبو العالية في قوله تعالى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ} قال: على مرضاة الله، واعلموا أنها من طاعة الله، وأما قوله:((وَالصَّلاةِ)) فإن الصلاة من أكبر العون على الثبات في الأمر، كما قال تعالى:{اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ}[العنكبوت:٤٥]،الآية.
وقال الإمام أحمد: حدثنا خلف بن الوليد حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن عكرمة بن عمار عن محمد بن عبد الله الدؤلي قال: قال عبد العزيز أخو حذيفة، قال: حذيفة يعني ابن اليمان رضي الله عنه: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر صلى).
ورواه أبو داود عن محمد بن عيسى عن يحيى بن زكريا عن عكرمة بن عمار كما سيأتي، وقد رواه ابن جرير من حديث ابن جريج عن عكرمة بن عمار عن محمد بن عبيد بن أبي قدامة عن عبد العزيز بن اليمان عن حذيفة قال:(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة).
ورواه بعضهم عن عبد العزيز ابن أخي حذيفة، ويقال: أخي حذيفة مرسلا عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال محمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة: حدثنا سهل بن عثمان العسكري حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة قال: قال عكرمة بن عمار: قال محمد بن عبد الله الدؤلي: قال عبد العزيز: قال حذيفة: (رجعت إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الأحزاب وهو مشتمل في شملة يصلي، وكان إذا حزبه أمر صلى)، حدثنا عبد الله بن معاذ حدثنا أبي حدثنا شعبة عن أبي إسحاق سمع حارثة بن مضرب سمع علياً رضي الله عنه يقول:(لقد رأيتنا ليلة بدر وما فينا إلا نائم غير رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ويدعو حتى أصبح)].
هذا سند جيد، وأبا إسحاق قد صرح بالسماع، والصحيح أن عبد العزيز بن اليمان ابن أخي حذيفة بن اليمان.