قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ثم قال: {يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ}[البقرة:٢٠] أي: لشدته وقوته في نفسه، وضعف بصائرهم، وعدم ثباتها للإيمان.
وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس:{يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ}[البقرة:٢٠] يقول: يكاد محكم القرآن يدل على عورات المنافقين.
وقال ابن إسحاق: حدثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة -أو سعيد بن جبير - عن ابن عباس رضي الله عنهما:((يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ)) أي: لشدة ضوء الحق، {كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا}[البقرة:٢٠] أي: كلما ظهر لهم من الإيمان شيء استأنسوا به واتبعوه، وتارة تعرض لهم الشكوك فأظلمت قلوبهم فوقفوا حائرين.
وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما:((كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ)) يقول: كلما أصاب المنافقين من عز الإسلام اطمأنوا إليه، وإن أصاب الإسلام نكبة قاموا ليرجعوا إلى الكفر، كقوله:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ}[الحج:١١] الآية].
أي: إذا انتصر المسلمون وأصابوا من الغنائم اطمأنوا وفرحوا، وقاسموا المسلمين الغنائم، وإذا أصابهم نكبة أو هزيمة ارتدوا والعياذ بالله؛ لما في قلبهم من الشكوك، قال الله:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ}[الحج:١١].
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [قال محمد بن إسحاق عن محمد بن أبي محمد عن عكرمة -أو سعيد بن جبير - عن ابن عباس رضي الله عنهما:{كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا}[البقرة:٢٠] أي: يعرفون الحق ويتكلمون به، فهم في قولهم به على استقامة، فإذا ارتكسوا منه إلى الكفر ((قاموا)) أي: متحيرين.
وهكذا قال أبو العالية، والحسن البصري، وقتادة، والربيع بن أنس، والسدي بسنده عن الصحابة، وهو أصح وأظهر، والله أعلم].