[بيان صحة قول (سورة البقرة) ونحو ذلك]
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقال ابن مردويه: حدثنا محمد بن معمر حدثنا الحسن بن علي بن الوليد الفارسي حدثنا خلف بن هشام حدثنا عيسى بن ميمون عن موسى بن أنس بن مالك عن أبيه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تقولوا: سورة البقرة، ولا سورة آل عمران، ولا سورة النساء، وكذا القرآن كله، ولكن قولوا: السورة التي يذكر فيها البقرة، والتي يذكر فيها آل عمران، وكذا القرآن كله) هذا حديث غريب لا يصح رفعه، وعيسى بن ميمون هذا هو أبو سلمة الخواص، وهو ضعيف الرواية لا يحتج به.
وقد ثبت في الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه (أنه رمى الجمرة من بطن الوادي، فجعل البيت عن يساره ومنى عن يمينه، ثم قال: هذا مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة) أخرجاه.
وروى ابن مردويه من حديث شعبة عن عقيل بن طلحة عن عتبة بن مرثد قال: (رأى النبي صلى الله عليه وسلم في أصحابه تأخراً فقال: يا أصحاب سورة البقرة) وأظن هذا كان يوم حنين يوم ولوا مدبرين أمر العباس فناداهم: يا أصحاب الشجرة -يعني أهل بيعة الرضوان، وفي رواية: يا أصحاب سورة البقرة- لينشطهم بذلك، فجعلوا يقبلون من كل وجه].
لما قال العباس يوم حنين -وكان جهوري الصوت-: يا أصحاب سورة البقرة، يا أصحاب سورة البقرة؛ جعلوا يعطفون عليه عطف البقر على أولادها قائلين: لبيك، لبيك، رضي الله عنهم وأرضاهم.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وكذلك يوم اليمامة مع أصحاب مسيلمة جعل الصحابة يفرون لكثافة جيش بني حنيفة، فجعل المهاجرون والأنصار يتنادون: يا أصحاب سورة البقرة.
حتى فتح الله عليهم، رضي الله عن أصحاب رسول الله أجمعين].
الصواب أنه لا بأس بقول (سورة البقرة) كما في حديث ابن مسعود لما رمى الجمرة فقال: (هذا مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة)، وأما حديث أنس السابق فهو ضعيف مخالف للأحاديث الصحيحة التي منها حديث ابن مسعود، وكذلك حديث (تعلموا سورة البقرة)، ومناداة الصحابة في غزوة حنين بلفظ: (يا أصحاب سورة البقرة)، وتناديهم في يوم اليمامة بقولهم: (يا أصحاب سورة البقرة).
والمعروف عن الحجاج بن يوسف أمير العراق أنه كان يتورع ويقول: لا تقولوا سورة البقرة، قولوا: السورة التي تذكر فيها البقرة، والسورة التي تذكر فيها آل عمران.
وهذا عبارة عن تشدد لا وجه له، وهو مخالف للنصوص، والعجب من الحجاج أن يتورع عن قول (سورة البقرة) ولم يتورع عن قتل العدد الكبير من المسلمين وإراقة الدماء، نسأل الله السلامة والعافية.
فالمقصود أن قول (سورة البقرة) لا بأس به.