[ذكر مهبط آدم وحواء]
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [عن محمد بن أحمد بن النضر عن معاوية بن عمرو عن زايدة عن عمار بن أبي معاوية البجلي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ما أسكن آدم الجنة إلى ما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس.
ثم قال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
].
المقصود من هذا عن ابن عباس أنه وقت ما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس، وهذا ليس عليه دليل، وإن صح فهو من أخبار بني إسرائيل، ويحتمل أنه لا يصح سنداً.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقال عبد بن حميد في تفسيره: حدثنا روح عن هشام عن الحسن قال: لبث آدم في الجنة ساعة من نهار، تلك الساعة ثلاثون ومائة سنة من أيام الدنيا].
وهذا كذلك لا دليل عليه، وهو موقوف على الحسن.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [وقال أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس قال: خرج آدم من الجنة للساعة التاسعة أو العاشرة، فأخرج آدم معه غصناً من شجر الجنة على رأسه تاج من شجر الجنة، وهو الإكليل من ورق الجنة.
وقال السدي: قال الله تعالى: {اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا} [البقرة:٣٨] فهبطوا ونزل آدم بهم، ونزل معه الحجر الأسود وقبضة من ورق الجنة، فبثه في الهند فنبتت شجرة الطيب.
فإنما أصل ما يجاء به من الطيب من الهند من قبضة الورق الذي هبط بها آدم، وإنما قبضها آدم أسفاً على الجنة حين أخرج منها.
وقال عمران بن عيينة عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أهبط آدم بدحنا أرض الهند].
عطاء بن السائب اختلط في آخره، والأثر ضعيف.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زرعة حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا جرير عن عطاء عن سعيد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أهبط آدم عليه السلام إلى أرض يقال لها: دحنا بين مكة والطائف.
وعن الحسن البصري قال: أهبط آدم بالهند، وحواء بجدة، وإبليس بدستميان من البصرة على أميال] أي: أن هناك مسافة بعيدة بين آدم وحواء، فآدم في الهند وحواء في جدة، وهذه مسافة عظيمة.
وكل هذه الآثار من أخبار بني إسرائيل، والله أعلم.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وأهبطت الحية بأصفهان.
رواه ابن أبي حاتم.
وقال محمد بن أبي حاتم: حدثنا محمد بن عمار بن الحارث حدثنا محمد بن سعيد بن سابق حدثنا عمر بن أبي قيس عن الزبير بن عدي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: أهبط آدم بالصفا، وحواء بالمروة].
هناك خلاف بين القولين، فالأول: آدم في الهند وحواء بجدة، والثاني: في الصفا والمروة، فليس بينهما مسافة، وكل هذا تخمين.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [وقال رجاء بن سلمة: هبط آدم عليه السلام يداه على ركبته مطأطئاً رأسه، وأهبط إبليس مشبكاً بين أصابعه رافعاً رأسه إلى السماء.
وقال عبد الرزاق: قال معمر: أخبرني عوف عن قسامة بن زهير عن أبي موسى قال: إن الله حين أهبط آدم من الجنة إلى الأرض علمه صنعة كل شيء، وزوده من ثمار الجنة، فثماركم هذه من ثمار الجنة غير أن هذه تتغير وتلك لا تتغير.
وقال الزهري عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة، يوم الجمعة فيه خلق آدم، وفيه أدخل الجنة، وفيه أخرج منها) رواه مسلم والنسائي].
هذا ثابت في الصحيح.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [وقال الرازي: اعلم أن في هذه الآية تهديداً عظيماً عن كل المعاصي من وجوه: الأول: أن من تصور ما جرى على آدم بسبب إقدامه على هذه الزلة الصغيرة كان على وجل شديد من المعاصي.
قال الشاعر: يا ناظراً يرنو بعيني راقد ومشاهداً للأمس غير مشاهد تصل الذنوب إلى الذنوب وترتجي درج الجنان ونيل فوز العابد أنسيت ربك حين أخرج آدم منها إلى الدنيا بذنب واحد].
هذا كلام طيب للرازي، والرازي في كتابه مفاتيح الغيب كما قال بعضهم: فيه كل شيء إلا التفسير، ومع هذا فالكلام جيد، حيث إن الله تعالى أخرج آدم من الجنة بزلة صغيرة ليحذر العاصي، ويخبره بأن المعاصي لها شؤم ولها آثار عظيمة.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [وقال ابن القيم: ولكننا سبي العدو فهل ترى نعود إلى أوطاننا ونسلم].
يقصد بالعدو وإبليس، ونحن سبي العدو، فهل ترى نرجع إلى أوطاننا وهي: الجنة.