قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقوله: {الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ}[الحج:٢٥] أي: يمنعون الناس عن الوصول إلى المسجد الحرام، وقد جعله الله شرعاً سواء لا فرق فيه بين المقيم فيه والنائي عنه البعيد الدار منه].
المقيم الساكن فيه، والباد النائي أو الطارق الذي يأتي من بعيد، والحكم فيهما واحد، وشرع الله هو أن يتعبد فيه المقيم والطارق الذي يأتي من بعيد جعله الله للناس سواء العاكف فيه والباد، والعاكف: هو المقيم في مكة في المسجد الحرام، والبادي: الغريب الذي جاء من بعيد، كلهم شرع الله لهم الطواف بالبيت، والصلاة في المسجد الحرام، وهؤلاء يصدون عن سبيل الله، ويصدون عن المسجد الحرام الذي جعله الله شرعاً عاماً للمقيم والقادر.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [{سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ}[الحج:٢٥] ومن ذلك استواء الناس في رباع مكة وسكناها].
يعني: في دورها، فكما أنهم يستون في المسجد الحرام يستون كذلك في السكنى، بدون أجرة، فمن جاء نزل، كما كانت تسمى رباع مكة السوائب، فمن احتاج نزل ومن لم يحتج فلا، وهذا قول لبعض أهل العلم: أنها لا تؤجر بيوت مكة؛ لأنها وقف، وذهب الشافعي إلى أن مكة فتحت صلحاً، وعلى ذلك تباع رباع مكة ودورها، ومن العلماء من قال: تؤجر ولا تباع، والمسألة فيها خلاف بين أهل العلم، فبعض العلماء قال: دور مكة لا تباع ولا تؤجر، وكانت تدعى السوائب، من شاء سكن ومن احتاج ارتفع عنها، فهي سوائب للناس، كما أن المسجد الحرام عام للناس فكذلك البيوت، وذهب الشافعي رحمه الله وجماعة إلى أنها تباع وتؤجر؛ لأن مكة فتحت صلحاً، وعلى القول الأول بأنها فتحت عنوة بالقوة فقد صارت وقفاً للمسلمين، وقيل: إنها فتحت صلحاً، ومن العلماء من فرق بين الإيجار وغيره، ورباع مكة، يعني: بيوتها ودورها وأراضيها، والعمل الآن على أنها تباع وتؤجر.