وهذه الآية هو قول الله تعالى:{وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ}[البقرة:٤٥] عامة، أي: استعينوا بالصبر في كل شيء: في أداء الفرائض، وفي الانتهاء عن المحارم، وفي عدم التسخط من قضاء الله وقدره؛ لأن الصبر ثلاثة أنواع: صبر على طاعة الله، وهو أن يصبر الإنسان حتى يؤدي الفرائض والواجبات، والثاني: صبر عن محارم الله، وهو أن يحبس نفسه حتى يترك ما حرم الله عليه طاعة لله، وتعظيماً لأمره ونهيه، وخوفاً ورجاءً.
والنوع الثالث: صبر على أقدار الله المؤلمة، فلا يجزع ولا يتسخط، ولا يتشكى، فلا يجزع بنفسه، ولا يتشكى بلسانه، ولا يفعل بجوارحه ما يغضب الله، والصبر هو: حبس النفس عن الجزع، وحبس اللسان عن التشكي، والجوارح عما يغضب الله، فلا يلطم خداً، ولا ينتف شعراً، ولا يتكلم بكلام لا يليق، ومن لم يصبر فلا إيمان له، ولهذا جاء عن بعض السلف: أن الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد.
وكان علي رضي الله عنه ينادي: ألا إنه لا إيمان لمن لا صبر له.
فلا بد من الصبر، فإن الذي لا يصبر لا يستطيع أن يقوم بما أوجب الله عليه، ولا يستطيع أن يترك ما حرم الله عليه إلا بالاستعانة بالله ثم الصبر.
قال تعالى:{وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ}[البقرة:٤٥]، والصلاة كذلك تخفف الآلام والمشاق، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة، وكان يقول لـ بلال:(أرحنا يا بلال! بالصلاة).