للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[سعة علم الله]

قوله تعالى: {وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى} [طه:٧] فيها بيان سعة علم الله عز وجل، وأنه لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، فهو سبحانه يعلم ما كان في الماضي، ويعلم ما يكون في المستقبل، ويعلم ما لم يكن لو كان كيف يكون، فهو لا يخفى عليه شيء، وحتى الشيء الذي لا يكون يعلمه لو كان سبحانه وتعالى، كما أخبر الله عن المنافقين الذين يخرجون مع المسلمين للجهاد ماذا يفعلون؟ فقال سبحانه: {لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ} [التوبة:٤٧] ماذا سيعملون؟ قال: {مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ} [التوبة:٤٧].

وقال سبحانه عن الكفار الذين تمنوا أن يردوا إلى الدنيا: {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} [الأنعام:٢٨].

وقال سبحانه: {وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوا وَهُمْ مُعْرِضُونَ} [الأنفال:٢٣] كل هذه الآيات فيها بيان علمه سبحانه بما لم يكن لو كان كيف يكون، وهو سبحانه يعلم السر الذي يخفيه الإنسان في نفسه، وأخفى من ذلك ما سيعمله في المستقبل، أو ما سيسره غداً، أو ما توسوس به نفسه، فكل ذلك يعلمه سبحانه وتعالى، والآية شاملة لكل هذه المعاني.

كما أن قدرته سبحانه وتعالى شاملة لكل شيء، فلا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، فهو الذي خلق الخلائق كأنها نفس واحدة: {مَا خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ} [لقمان:٢٨]، وقوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} [الروم:٢٧] أي: إعادة الخلق وبدؤهم هين على الله سبحانه.