قال المؤلف رحمه الله: [وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن مسلم عن مسروق عن خباب بن الأرت قال: (كنت رجلاً قيناً، وكان لي على العاص بن وائل دين، فأتيته أتقاضاه منه، فقال: لا والله لا أقضيك حتى تكفر بمحمد، فقلت: لا والله لا أكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم حتى تموت ثم تبعث، قال: فإني إذا مت ثم بعثت جئتني ولي ثم مال وولد فأعطيتك، فأنزل الله:{أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا}[مريم:٧٧] إلى قوله: {وَيَأْتِينَا فَرْدًا}[مريم:٨٠])، أخرجه صاحبا الصحيح وغيرهما من غير وجه عن الأعمش به.
وفي لفظ البخاري:(كنت قيناً بمكة فعملت للعاص بن وائل سيفاً فجئت أتقاضاه فذكر الحديث وقال: {أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا}[مريم:٧٨] قال: موثقاً).
وقال عبد الرزاق: أخبرنا الثوري عن الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق قال: قال خباب بن الأرت: (كنت قيناً بمكة فكنت أعمل للعاص بن وائل فاجتمعت لي عليه دراهم فجئت لأتقاضاه، فقال لي: لا أقضيك حتى تكفر بمحمد، فقلت: لا أكفر بمحمد حتى تموت ثم تبعث، قال: فإذا بعثت كان لي مال وولد، قال: فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله: ((أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا)) إلى قوله: ((وَيَأْتِينَا فَرْدًا))).
] قيناً يعني: كان خباب بن الأرت الصحابي الجليل حداداً.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقال العوفي عن ابن عباس: (إن رجالاً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يطلبون العاص بن وائل السهمي بدين فأتوه يتقاضونه، فقال: ألستم تزعمون أن في الجنة ذهباً وفضةً وحريراً ومن كل الثمرات؟ قالوا: بلى، قال: فإن موعدكم الآخرة، فوالله لأوتين مالاً وولداً، ولأوتين مثل كتابكم الذي جئتم به، فضرب الله مثله في القرآن فقال: ((أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا)) إلى قوله: ((وَيَأْتِينَا فَرْدًا))).
وهكذا قال مجاهد وقتادة وغيرهم: إنها نزلت في العاص بن وائل.