[ذكر ابن حجر في فتح الباري رواية مسلم وقال: وأخرجه مسلم من طريق الأوزاعي عن قتادة بلفظ: (لم يكونوا يذكرون {بِسْمِ اللَّهِ الْرَّحمَنِ الْرَّحَيمِ}[الفاتحة:١])، وقد قدح بعضهم في صحته لكون الأوزاعي رواه عن قتادة مكاتبة وفيه نظر، فإن الأوزاعي لم ينفرد به، فقد رواه أبو يعلى عن أحمد الدورقي، والسراج عن يعقوب الدورقي وعبد الله بن أحمد عن أحمد بن عبد الله السلمي ثلاثتهم عن أبي داود الطيالسي عن شعبة بلفظ: فلم يكونوا يفتتحون القراءة بـ {بِسْمِ اللَّهِ الْرَّحمَنِ الْرَّحَيمِ}[الفاتحة:١]، قال شعبة: قلت لـ قتادة: سمعته من أنس، قال نحن سألناه.
وهذا مما يؤيد القول بصحة الحديث.
وأما من قال بأنه منقطع فلإعلال ابن عبد البر؛ لكونها مكاتبة فقط، وهذا لا يقدح في صحة الحديث.
والمقصود أن قول مالك هنا أنه لا يقرأ البسملة في الصلاة لا جهراً ولا سراً، أن هذا ضعيف، وما استدل به لا يدل على ذلك، فقد استدل بحديث عائشة وحديث أنس، هما لا يدلان على أنه لا يقرؤها سراً، وإنما فيه أنه لا يقرؤها جهراً.
قال المؤلف رحمه الله تعالى:[فهذه مآخذ الأئمة رحمهم الله في هذه المسألة وهي قريبة؛ لأنهم أجمعوا على صحة صلاة من جهر بالبسملة ومن أسر.
ولله الحمد والمنة].
أي: أنهم أجمعوا على أن من أسر بالبسملة أو جهر بها فصلاته صحيحة، لكن الخلاف في الأفضل والسنة.
إذاً في المسألة ثلاثة أقوال: الأول: الإسرار بالبسملة، وهذا أرجحها.
الثاني: الجهر بها.
الثالث: عدم قراءتها بالكلية لا جهراً ولا سراً، وهذا هو قول مالك، وهو أضعف الأقوال.
وأما ما روي عن أبي هريرة أنه جهر بالبسملة فهذا محمول على أنه جهر بها لتعليم الناس، وأنها فطرة، وهذا أحسن ما حمل عليه.