قال المصنف رحمه الله تعالى:[واختلفوا في المسلمة الساحرة، فعند أبي حنيفة أنها لا تقتل ولكن تحبس، وقال الثلاثة: حكمها حكم الرجل، والله أعلم].
الصواب أن حكم المرأة كحكم الرجل.
قال المؤلف رحمه الله تعالى:[وقال أبو بكر الخلال: أخبرنا أبو بكر المروزي قال: قرأ على أبي عبد الله -يعني أحمد بن حنبل - عمر بن هارون أخبرنا يونس عن الزهري قال: يقتل ساحر المسلمين ولا يقتل ساحر المشركين؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم سحرته امرأة من اليهود فلم يقتلها].
هذا ليس بصحيح؛ لأن الذي سحر النبي صلى الله عليه وسلم هو لبيد، وهو من اليهود، وأما اليهودية فهي التي وضعت له السم في الذراع، وعمر بن هارون هذا ضعيف، فلا يصح سنده.
والنبي صلى الله عليه وسلم قد يعفو ولا ينتصر لنفسه، وكذلك -أيضاً- قد يعفو عمن سبه، وأما بعد وفاته فمن سبه فلا بد من قتله.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقد نقل القرطبي عن مالك رحمه الله أنه قال في الذمي: يقتل إن قتل بسحره، وحكى ابن خويز منداد عن مالك روايتين في الذمي إذا سحر: إحداهما: أنه يستتاب، فإن أسلم وإلا قتل، والثانية: أنه يقتل وإن أسلم، وأما الساحر المسلم فإن تضمن سحره كفراً كفر عند الأئمة الأربعة وغيرهم؛ لقوله تعالى:{وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُر}[البقرة:١٠٢]، لكن قال مالك: إذا ظهر عليه لم تقبل توبته؛ لأنه كالزنديق].
يعني: إذا قبض عليه قبل أن يسلم نفسه.
[فإن تاب قبل أن يظهر عليه وجاءنا تائباً قبلناه] وهذا هو الأقرب، فهو كالمحارب، وقد قال تعالى:{إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}[المائدة:٣٣]، ثم قال:{إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ}[المائدة:٣٤].
قال المؤلف رحمه الله تعالى:[فإن قتل بسحره قتل، قال الشافعي: فإن قال: لم أتعمد القتل فهو مخطئ تجب عليه الدية].
يحمل هذا على أنه قال: أنا لم أتعمد القتل، وإنما أعالج علاجاً، فله وجه من هذه الجهة، وهذا يكون قتله خطأ، لكن هذا سحر من جهة اللغة، فهو أدوية، وليس سحراً يتصل بالشياطين، وأما الذي يتصل بالشياطين فإنه يقتل صاحبه وليس هناك إشكال.