في قصة موسى والخضر دليل على أن الأنبياء -وإن كانوا أنبياء- قد يعتب الله عليهم، كما عتب الله على موسى لما سأله رجل: هل هناك أحد أعلم منك؟ فقال: لا، فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم إليه، فأخبره الله أن هناك عبداً أعلم منه في مجمع البحرين، وقيل: إن الأنبياء قد يفعل أحدهم خلاف الأولى.
وكذلك عاتب الله نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم فقال:{عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءَهُ الأَعْمَى * وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى * أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى}[عبس:١ - ٤]، وذلك لما جاء عبد الله بن أم مكتوم يسأل النبي صلى الله عليه وسلم أن يعلمه، وكان النبي صلى الله عليه وسلم مشغولاً بصناديد قريش يرجو إسلامهم.
لكن الأنبياء معصومون عن الشرك، وعن الكبائر، وعن الخطأ فيما يبلغون به عن الله، وقد يفعلون خلاف الأولى فيعتب الله عليهم، وإن كانت منزلتهم عالية، فهذا نبينا -وهو أفضل الخلق- قال الله له:{عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءَهُ الأَعْمَى}[عبس:١ - ٢].
وكذلك في قصة زينب وزوجها زيد قبل أن يتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم قال الله له:{وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ}[الأحزاب:٣٧].
وقد أخبر الله أنه غفر للأنبياء وهذا يعني أن لهم ذنوباً، فقال تعالى:{لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ}[الفتح:٢]، وقال سبحانه:{وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ}[محمد:١٩]، وقال حكاية عن موسى:{قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي}[القصص:١٦]، وعن داود {وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ}[ص:٢٤] وعن سليمان {فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ}[ص:٢٥]، وقال حكاية عن ذي النون:{لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ}[الأنبياء:٨٧].