للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[خطر الرياء والتحذير منه]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقد روى ابن أبي حاتم من حديث معمر عن عبد الكريم الجزري عن طاوس قال: قال رجل: (يا رسول الله! إني أقف المواقف أريد وجه الله، وأحب أن يرى موطني، فلم يرد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً حتى نزلت هذه الآية: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا}).

وهكذا أرسل هذا مجاهد وغير واحد.

وقال الأعمش: حدثنا حمزة أبو عمارة مولى بني هاشم عن شهر بن حوشب قال: جاء رجل إلى عبادة بن الصامت فقال: أنبئني عما أسألك عنه: أرأيت رجلاً يصلي يبتغي وجه الله ويحب أن يحمد، ويصوم ويبتغي وجه الله ويحب أن يحمد، ويتصدق ويبتغي وجه الله ويحب أن يحمد، ويحج ويبتغي وجه الله ويحب أن يحمد؟ فقال عبادة: ليس له شيء، إن الله تعالى يقول: (أنا خير شريك، فمن كان له معي شريك فهو له كله، لا حاجة لي فيه)].

وهذا مثل الحديث القدسي الذي رواه الإمام مسلم، وفيه يقول الله تعالى: (أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه).

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن عبد الله بن الزبير قال: حدثنا كثير بن زيد عن ربيح بن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه عن جده قال: (كنا نتناوب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنبيت عنده تكون له الحاجة أو يطرقه أمر من الليل فيبعثنا، فكثر المحتسبون وأهل النوب، فكنا نتحدث، فخرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما هذه النجوى؟! ألم أنهكم عن النجوى؟! قال: فقلنا: تبنا إلى الله أي نبي الله، إنما كنا في ذكر المسيح وفرقنا منه.

فقال: ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم من المسيح عندي؟ قال: قلنا: بلى.

قال: الشرك الخفي: أن يقوم الرجل يصلي لمكان الرجل)].

وهذا العمل يسمى شركاً خفياً لأنه يقوم بالقلوب، فهو في القلوب خفي ليس ظاهراً، وهو الشرك الأصغر، أو الشرك الخفي، وقد يكون شركاً أكبر إذا صدر من المنافقين الذين أسلموا لأجل الدنيا، كـ عبد الله بن أبي وغيره، فهؤلاء يصلون رياءً، ورياؤهم رياء أكبر مخرج من الملة؛ لأنهم أسلموا رياء وليس لوجه لله، أما رياء المؤمن فهو الذي يصدر منه في صلاته وفي صدقته، فهذا شرك أصغر لا يخرج من الملة.