قال المؤلف رحمه الله تعالى:[مسألة: وهل يسأل الساحر حلاً لسحره؟ فأجاز سعيد بن المسيب فيما نقله عنه البخاري، وقال عامر الشعبي: لا بأس بالنشرة، وكره ذلك الحسن البصري].
والنشرة: هي حل السحر عن المسحور، قيل لـ سعيد بن المسيب: رجل به طب أو يؤخذ عن امرأته، أيحل عنه أو ينشر؟ قال: لا بأس به، إنما يريدون به الإصلاح، فأما ما ينفع فلم ينه عنه، فظاهر هذا أنه لا بأس بحل السحر عن المسحور؛ لأنه سئل: رجل به طب -أي: سحر- أو يؤخذ عن امرأته -أي: يحبس عن امرأته، أي: لا يصل إليها- أيحل عنه أو ينشر؟ فقال: لا بأس به، أي: لا بأس بحل السحر، إنما يريدون به الإصلاح، فأما ما ينفع فلم ينه عنه.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وفي الصحيح عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (يا رسول الله! هلا تنشرت؟ فقال: أما الله فقد شفاني، وخشيت أن أفتح على الناس شراً) هذا مثال للنشرة الجائزة، وقد فات الحافظ رحمه الله حديث أحمد:(أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن النشرة؟ فقال هي من عمل الشيطان)، والحديث سنده جيد.
وحمل ابن القيم والإمام محمد بن عبد الوهاب كلام ابن المسيب:(لا بأس به، إنما يريدون به الإصلاح، فأما ما ينفع فلم ينه عنه) على النشرة الجائزة، فقد ذكر الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في كتاب التوحيد (باب ما جاء في النشرة) وقسم النشرة إلى قسمين: نشرة محرمة، وهي من عمل الشيطان، وهي حل السحر بسحر مثله، ونشرة جائزة، وهي حل السحر برقى وأدعية وتعاويذ شرعية، وهذا مباح، فيحمل كلام ابن المسيب على النشرة الجائزة، ويحمل كلام الحسن:(لا يحل السحر إلا الساحر)، وحديث أحمد سئل عن النشرة قال:(هي من عمل الشيطان) على النشرة المحرمة، وهي حل السحر بسحر مثله.
قال المؤلف رحمه الله تعالى:[وحكى القرطبي عن وهب أنه قال: يؤخذ سبع ورقات من سدر فتدق بين حجرين، ثم تضرب بالماء ويقرأ عليها آية الكرسي، ويشرب منها المسحور ثلاث حسوات، ثم يغتسل بباقيه فإنه يذهب ما به].
هذا مثال النشرة الجائزة، وهذا لا بأس به، وقد ذكره -أيضاً- الشيخ عبد الرحمن بن حسن في شرح كتاب التوحيد، واعترض عليه محمد حامد الفقي وقال: إن هذا لا أصل له، والصواب أنه ليس فيه محذور شرعاً، فإنه يقرأ آيات من القرآن، فلا وجه لاعتراض الشيخ حامد الفقي رحمه الله.
فإن قيل: ما المقصود بقول عائشة: (هلا تنشرت؟) قيل: معناه: هلا حللت السحر، فقال:(أما أنا فشفاني الله).
قال المؤلف رحمه الله تعالى:[وهو جيد للرجل الذي يؤخذ عن امرأته].
أي: يحبس عن امرأته.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [قلت: أنفع ما يستعمل لإذهاب السحر ما أنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم في إذهاب ذلك، وهما المعوذتان، وفي الحديث:(لم يتعوذ متعوذ بمثلهما)، وكذلك قراءة آية الكرسي، فإنها مطردة للشيطان].