قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن عبيد حدثنا هاشم -يعني ابن البريد - حدثنا عبد الله بن محمد بن عقيل عن ابن جابر قال:(انتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أهراق الماء، فقلت: السلام عليك يا رسول الله! فلم يرد علي، قال: فقلت: السلام عليك يا رسول الله! فلم يرد علي، قال: فقلت: السلام عليك يا رسول الله! فلم يرد علي قال: فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي وأنا خلفه، حتى دخل رحله، ودخلت أنا المسجد، فجلست كئيباً حزيناً فخرج علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد تطهر، فقال: عليك السلام ورحمة الله وبركاته وعليك السلام ورحمة الله وبركاته وعليك السلام ورحمة الله، ثم قال: ألا أخبرك يا عبد الله بن جابر بأخير سورة في القرآن؟ قلت: بلى يا رسول الله! قال: اقرأ الحمد لله رب العالمين حتى تختمها)، هذا إسناد جيد، وابن عقيل هذا يحتج به الأئمة الكبار].
هذا الحديث ضعيف، سببه عبد الله بن محمد بن عقيل وهو سيء الحفظ، وفي متنه غرابة من جهة كون النبي صلى الله عليه وسلم لا يرد السلام على عبد الله بن جابر من أجل أنه لم يكن على طهارة، فقد جاء في حديث آخر:(أن النبي صلى الله عليه وسلم سلم عليه مهاجر بن قنفذ فاستقبل الجدار وحكه وتيمم ثم رد عليه السلام، وقال: حرصت ألا أذكر الله إلا على طهر)، وهذا من باب الاستحباب، وكذلك كون الرسول صلى الله عليه وسلم يرد السلام ثلاث مرات: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته، وعليك السلام ورحمة الله وبركاته، وعليك السلام ورحمة الله، وهذا غير معروف في الأحاديث.
قال المؤلف رحمه الله تعالى:[وعبد الله بن جابر هذا الصحابي، ذكر ابن الجوزي أنه هو العبدي والله أعلم.
ويقال: إنه عبد الله بن جابر الأنصاري البياضي فيما ذكره الحافظ ابن عساكر.
واستدلوا بهذا الحديث وأمثاله على تفاضل بعض الآيات والسور على بعض كما هو المحكي عن كثير من العلماء منهم: إسحاق بن راهويه وأبو بكر بن العربي وابن الحصار من المالكية].
الصواب أن القرآن يتفاضل، فبعضه أفضل من بعض، ومما يدل على ذلك أن آية الكرسي أفضل آية في القرآن، وسورة الإخلاص تعدل ثلث القرآن، وسورة {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ}[الكافرون:١] تعدل ربع القرآن، وسورة الزلزلة تعدل ربع القرآن، فكلام الله يتفاضل، وبعضه أفضل من بعض.
قال المؤلف رحمه الله تعالى:[وذهبت طائفة أخرى إلى أنه لا تفاضل في ذلك؛ لأن الجميع كلام الله، ولئلا يوهم التفضيل نقص المفضل عليه، وإن كان الجميع فاضلاً، نقله القرطبي عن الأشعري وأبي بكر الباقلاني وأبي حاتم بن حبان البستي وأبي حيان ويحيى بن يحيى، ورواية عن الإمام مالك أيضاً].
هذا القول ضعيف، وهو خلاف النصوص، والصواب الذي دلت عليه النصوص هو القول الأول: أنه يتفاضل.