قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زرعة حدثنا ابن بكير حدثني عطاء بن دينار حدثني سعيد بن جبير قال: قال ابن عباس: خلق الله اللوح المحفوظ كمسيرة مائة عام، وقال للقلم قبل أن يخلق الخلق، وهو على العرش تبارك وتعالى: اكتب، فقال القلم: وما أكتب؟ قال: علمي في خلقي إلى يوم الساعة.
فجرى القلم بما هو كائن في علم الله إلى يوم القيامة؟ فذلك قوله للنبي صلى الله عليه وسلم:{أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ}[الحج:٧٠].
وهذا من تمام علمه تعالى، أنه علم الأشياء قبل كونها وقدرها وكتبها أيضاً، فما العباد عاملون قد علمه تعالى قبل ذلك على الوجه الذي يفعلونه، فيعلم قبل الخلق أن هذا يطيع باختياره، وهذا يعصي باختياره، وكتب ذلك عنده، وأحاط بكل شيء علماً، وهو سهل عليه يسير لديه، ولهذا قال تعالى:{إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ}[الحج:٧٠]].
وقال سبحانه:{أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}[الملك:١٤]، فهو سبحانه يعلم أحوال العباد، وما هم عاملون، وما يصيرون إليه، بل كل حركة في السماء والأرض، وكل رطب ويابس مكتوب عنده، كما قال تعالى:{وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ}[الأنعام:٥٩] والكتاب هو اللوح المحفوظ.