[أقوال أهل العلم في قوله تعالى (ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل)]
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقوله: {وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ}[البقرة:٢٧] قيل: المراد به: صلة الأرحام والقرابات كما فسره قتادة، كقوله تعالى:{فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ}[محمد:٢٢] ورجحه ابن جرير، وقيل: المراد أعم من ذلك، فكل ما أمر الله بوصله وفعله فقطعوه وتركوه].
وهذا هو الصواب، وهو أنه عام يشمل صلة الأرحام وغيرها من كل ما أمر الله به أن يوصل، ومما أمر الله أن يؤتى به، فدخل في ذلك صلة الأرحام وغيرها.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقال مقاتل بن حيان في قوله تعالى: {أُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ}[البقرة:٢٧] قال: في الآخرة، وهذا كما قال تعالى:{أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ}[الرعد:٢٥]، وقال الضحاك عن ابن عباس: كل شيء نسبه الله إلى غير أهل الإسلام من اسم مثل: خاسر، فإنما يعني به: الكفر، وما نسبه إلى أهل الإسلام فإنما يعني به: الذنب].
والخسران: يكون خسران كامل: وهو خسران الكفار، وخسران ناقص: وهو خسران المؤمن العاصي.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقال ابن جرير في قوله تعالى: {أُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ}[البقرة:٢٧] الخاسرون: جمع خاسر: وهم الناقصون أنفسهم حظوظهم بمعصيتهم الله من رحمته، كما يخسر الرجل في تجارته بأن يوضع من رأس ماله في بيعه، وكذلك المنافق والكافر خسر بحرمان الله إياه رحمته التي خلقها لعباده في القيامة أحوج ما كانوا إلى رحمته، يقال منه: خسر الرجل يخسر خسراً وخسراناً وخساراً، كما قال جرير بن عطية: إن سليطاً في الخسار إنه أولاد قوم خلقوا أقنة].
وسليط قبيلة من القبائل، والأقنة: جمع قن: وهو العبد إذا ملكه أبوه.
فالعبد يسمى قن، ومنه الحديث:(أن العبد قن ما بقي عليه درهم) أي: لا يزال عبداً حتى ولو اشترى نفسه من سيد فهو لا يزال عبد ما بقي عليه درهم، فإذا خلص نفسه خرج من العبودية وصار حراً، وقن جمعها: أقنه.
والمعنى: أنهم خلقوا أرقاء وعبيد.
وفي القاموس المحيط: السليط: الزيت، وكل دهن عصر من حب، والفصيح مدح للذكر ذم للأنثى، والحديد من كل شيء، واسم وأبو قبيلة والسلطان: الحجة وقدرة الملك، وتضم لامه والوالي مؤنث لأنه جمع سليط للدهن كأن به يضيء الملك أو لأنه بمعنى الحجة، وقد يذكر ذهاباً إلى معنى الرجل.