للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فرار الشيطان من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وفي مسند أحمد وصحيح مسلم والترمذي والنسائي من حديث سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا تجعلوا بيوتكم قبوراً؛ فإن البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة لا يدخله الشيطان) وقال الترمذي: حسن صحيح].

قوله صلى الله عليه وسلم: [(لا تجعلوا بيوتكم قبوراً)] أي: لا تعطلوها من الصلاة والقراءة فتكون بمنزلة القبور؛ لأن القبور لا يقرأ ولا يصلى فيها، فإذا عطل الإنسان البيت من القراءة والصلاة صار بمنزلة القبر.

وهذا الحديث فيه الحث على الصلاة في البيوت، وقد جاء في الحديث الآخر: (صلوا في بيوتكم؛ فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة).

وجاء في فضل آية الكرسي: (من قرأها في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ، ولا يقربه شيطان حتى يصبح)، رواه البخاري في الصحيح.

فإذا قرأ البقرة ففيها آية الكرسي، والشيطان يفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقال أبو عبيد القاسم بن سلام: حدثني ابن أبي مريم عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن سنان بن سعد عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الشيطان يخرج من البيت إذا سمع سورة البقرة تقرأ فيه) سنان بن سعد -ويقال بالعكس- وثقه ابن معين، واستنكر حديثه أحمد بن حنبل وغيره.

وقال أبو عبيد: حدثنا محمد بن جعفر عن شعبة عن سلمة بن كهيل عن أبي الأحوص عن عبد الله -يعني ابن مسعود - رضي الله عنه قال: (إن الشيطان يفر من البيت يسمع فيه سورة البقرة)، ورواه النسائي في (اليوم والليلة)، وأخرجه الحاكم في مستدركه من حديث شعبة، ثم قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه].

ابن لهيعة المذكور في السند الأول ضعيف.

وفرار الشيطان من قراءة سورة البقرة جاء ذكر مثله في الأذان، ففي الحديث: (إذا نودي بالصلاة أدبر الشيطان وله ضراط، حتى لا يسمع الأذان)، وكذلك إذا سمع قراءة القرآن فإنه يفر ثم يرجع.

وللمرء إذا أراد طرد الشيطان بقراءة سورة البقرة أن يقرأها بنفسه، أو أن يستمع إلى قراءتها، لكن الأفضل أن يقرأها بنفسه، لكي يحصل على أجر القراءة.

فإن سأل سائل: هل ينفع استخدام المسجلة في ذلك؟ ف

الجواب

الأصل هو أن يقرأ الإنسان بنفسه بقصد أن يتعبد، لكن إذا لم يتيسر له أن يقرأ وليس هناك قارئ فلا بأس باستخدام جهاز التسجيل.

وحصول الوقاية من الشيطان بقراءة آية الكرسي يكون بقراءتها في اليوم نفسه.

قال رحمه الله تعالى: [وقال ابن مردويه: حدثنا أحمد بن كامل حدثنا أبو إسماعيل الترمذي حدثنا أيوب بن سليمان بن بلال حدثني أبو بكر بن أبي أويس عن سليمان بن بلال عن محمد بن عجلان عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا ألفين أحدكم يضع إحدى رجليه على الأخرى يتغنى ويدع سورة البقرة يقرؤها؛ فإن الشيطان يفر من البيت تقرأ فيه سورة البقرة، وإن أصفر البيوت الجوف الصفر من كتاب الله)].

الصفر: هو الخالي، يقال: فلان صفر اليدين أي: خاليهما، ومنه الصفر في العدد، وفي الحديث: (إن ربكم تبارك وتعالى حيي كريم، يستحي من عبده إذا رفع يديه أن يردهما صفراً) أي: خاليتين، فالصفر هو الخالي، فقوله: (أصفر البيوت) يعني: أخلاها، أي أنه بيت فقير خال من الخير.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وهكذا رواه النسائي في (اليوم والليلة) عن محمد بن نصر عن أيوب بن سليمان به.

وروى الدارمي في مسنده عن ابن مسعود قال: (ما من بيت تقرأ فيه سورة البقرة إلا خرج منه الشيطان وله ضراط).

وقال: (إن لكل شيء سناماً، وإن سنام القرآن سورة البقرة، وإن لكل شيء لباباً، وإن لباب القرآن المفصل)].

قوله صلى الله عليه وسلم: [(ما من بيت تقرأ فيه سورة البقرة إلا خرج منه الشيطان وله ضراط)]، هذا كما جاء في الأذان، فإن الشيطان إذا سمع الأذان ولى وله ضراط، وكذلك إذا سمع القرآن ولى وله ضراط، ولا مانع من أن يرجع، كما في حديث فراره من الأذان، ففيه أنه إذا انتهى المؤذن رجع فيوسوس، فإذا سمع الإقامة ولى، ثم يرجع فيوسوس للمرء ليحول بينه وبين صلاته حتى يذكره بالأشياء التي نسيها، فيقول: اذكر كذا، اذكر كذا، اذكر كذا، حتى ينصرف من صلاته ولا يدري كم صلى.

قال رحمه الله تعالى: [وروى أيضاً من طريق الشعبي قال: قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (من قرأ عشر آيات من سورة البقرة في ليلة لم يدخل ذلك البيت شيطان تلك الليلة، أربع من أولها، وآية الكرسي، وآيتان بعدها، وثلاث آيات من آخرها)].

هذا السند ضعيف؛ لأنه منقطع، فـ الشعبي لم يدرك ابن مسعود رضي الله عنه، وفي متنه غرابة، فإنه عد فيه آيتين بعد آية الكرسي، والمعروف هو أربع آيات من أول سورة البقرة وآية الكرسي وآيتان من آخر سورة البقرة.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وفي رواية: (لم يقربه ولا أهله يومئذ شيطان، ولا شيء يكرهه، ولا يقرأن على مجنون إلا أفاق)].

ومن الغرابة كذلك قوله: [(لا يقرأن على مجنون إلا أفاق)].

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن لكل شيء سناماً، وإن سنام القرآن البقرة، وإن من قرأها في بيته ليلة لم يدخله الشيطان ثلاث ليال، ومن قرأها في بيته نهاراً لم يدخله الشيطان ثلاثة أيام) >.

رواه أبو القاسم الطبراني وأبو حاتم ابن حبان في صحيحه وابن مردويه من حديث الأزرق بن علي حدثنا حسان بن إبراهيم حدثنا خالد بن سعيد المدني عن أبي حازم عن سهل به، وعند ابن حبان خالد بن سعيد المديني].

الصحيح أبو حاتم ابن حبان، فالواو زائدة، وابن حبان هو أبو حاتم، وأبو حاتم ابن حبان هو غير أبي حاتم الرازي صاحب الجرح والتعديل.

وذا الحديث فيه أن الشيطان لا يقرب البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة ثلاث ليال، والحديث فيه ضعف، فـ خالد بن سعيد متكلم فيه.