[القول بأن (الم) اسم من أسماء الله تعالى]
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقيل: هي اسم من أسماء الله تعالى، فقال الشعبي: فواتح السور من أسماء الله تعالى.
وكذلك قال سالم بن عبد الله وإسماعيل بن عبد الرحمن السدي الكبير، وقال شعبة عن السدي بلغني أن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (الم) اسم من أسماء الله الأعظم.
وهكذا رواه ابن أبي حاتم من حديث شعبة].
حديث ابن عباس هذا منقطع، والصواب في المسألة القول الأول، وهو أن الله تعالى أعلم بمعناها، فهذه الحروف في أوائل السور لم يأت نص يعتمد عليه أو بأنها من أسماء السور، أو من أسماء الله.
وأما الحكمة من إيرادها فسينقل المؤلف رحمه الله عن شيخ الإسلام ابن تيمية وعن المزي أن الحكمة في الإتيان بها في أوائل السور بيان إعجاز القرآن، وأن القرآن نزل بلغة العرب المكونة من الحروف الهجائية الثمانية والعشرين، ومع ذلك تحدى الله البشر أن يأتوا بمثله وبعشر سور وبسورة فعجزوا.
ولذلك فإن أكثر السور المفتتحة بهذه الحروف يأتي بعدها بيان القرآن وإعجازه، كقوله تعالى: {الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ} [البقرة:١ - ٢]، وقوله تعالى: {الم * اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ * نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ} [آل عمران:١ - ٣]، وقوله تعالى: {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ} [ق:١]، وقوله تعالى: {المص * كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ} [الأعراف:١ - ٢].
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ورواه ابن جرير عن بندار عن ابن مهدي عن شعبة قال: سألت السدي عن (حم) و (طس) و (الم) فقال: قال ابن عباس رضي الله عنهما: هي اسم الله الأعظم].
هذا الأثر منقطع، وبندار لقب لـ محمد بن بشار.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقال ابن جرير: وحدثنا محمد بن المثنى حدثنا أبو النعمان حدثنا شعبة عن إسماعيل السدي عن مرة الهمداني قال: قال عبد الله، فذكر نحوه، وحكى مثله عن علي وابن عباس، وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: هو قسم أقسم الله به، وهو من أسماء الله تعالى.
وروى ابن أبي حاتم وابن جرير من حديث ابن علية عن خالد الحذاء عن عكرمة أنه قال: (الم) قسم.
ورويا -أيضاً- من حديث شريك بن عبد الله عن عطاء بن السائب عن أبي الضحى عن ابن عباس رضي الله عنهما: (الم) قال: أنا الله أعلم.
وكذا قال سعيد بن جبير، وقال السدي عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة الهمداني عن ابن مسعود وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: (الم) قال: أما (الم) فهي حروف استفتحت من حروف هجاء أسماء الله تعالى.
وقال أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية في قوله تعالى: (الم) قال: هذه الأحرف الثلاثة من التسعة والعشرين حرفاً دارت فيها الألسن كلها، ليس منها حرف إلا وهو مفتاح اسم من أسمائه، وليس منها حرف إلا وهو من آلائه وبلائه، وليس منها حرف إلا وهو في مدة أقوام وآجالهم.
قال عيسى ابن مريم عليه السلام وعجب فقال: أعجب أنهم ينطقون بأسمائه ويعيشون في رزقه، فكيف يكفرون به؟! فالألف مفتاح اسم الله، واللام مفتاح اسمه لطيف، والميم مفتاح اسمه مجيد، فالألف آلاء الله، واللام لطف الله، والميم مجد الله، الألف به سنة، واللام ثلاثون سنة، والميم أربعون سنة.
هذا لفظ ابن أبي حاتم.