قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقوله: {وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا}[مريم:٨٦] أي عطاشاً، {لا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ}[مريم:٨٧] أي: ليس لهم من يشفع لهم كما يشفع المؤمنون بعضهم لبعض، كما قال تعالى مخبراً عنهم:{فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ * وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ}[الشعراء:١٠٠ - ١٠١].
وقوله:{إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا}[مريم:٨٧] هذا استثناء منقطع، بمعنى: لكن من اتخذ عند الرحمن عهداً، وهو شهادة أن لا إله إلا الله والقيام بحقها.
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس:((إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا)) قال: العهد شهادة أن لا إله إلا الله، ويبرأ إلى الله من الحول والقوة، ولا يرجو إلا الله عز وجل].
وقوله:((مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا)) يعني: من مات على التوحيد وقام بحقها فهو من أهل الشفاعة وتناله الشفاعة.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقال ابن أبي حاتم: حدثنا عمار بن خالد الواسطي حدثنا محمد بن الحسن الواسطي عن المسعودي عن عون بن عبد الله عن أبي فاختة عن الأسود بن يزيد قال: قرأ عبد الله يعني ابن مسعود هذه الآية: ((إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا)) ثم قال: اتخذوا عند الله عهداً، فإن الله يقول يوم القيامة: من كان له عند الله عهد فليقم، قالوا: يا أبا عبد الرحمن فعلمنا، قال: قولوا: اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة فإني أعهد إليك في هذه الحياة الدنيا ألا تكلني إلى عمل يقربني من الشر ويباعدني من الخير، وإني لا أثق إلا برحمتك فاجعل لي عندك عهداً تؤديه إلي يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد.
قال المسعودي: فحدثني زكريا عن القاسم بن عبد الرحمن أخبرنا ابن مسعود وكان يلحق بهن: خائفاً مستجيراً مستغفراً راهباً راغباً إليك.
ثم رواه من وجه آخر عن المسعودي نحوه].
المسعودي ضعيف مختلط، لكن لا شك أن الدعاء واللجوء إلى الله مطلوب.