[فضل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على أصحاب الأنبياء قبلهم]
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقوله تعالى: {كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ}[البقرة:٥٧] أمر إباحة وإرشاد وامتنان.
وقوله تعالى:{وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}[البقرة:٥٧] أي: أمرناهم بالأكل مما رزقناهم، وأن يعبدوا كما قال:{كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ}[سبأ:١٥]، فخالفوا وكفروا، فظلموا أنفسهم، هذا مع ما شاهدوه من الآيات البينات، والمعجزات القاطعات، وخوارق العادات.
ومن هاهنا تتبين فضيلة أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم على سائر أصحاب الأنبياء في صبرهم وثباتهم وعدم تعنتهم، مع ما كانوا معه في أسفاره وغزواته، منها عام تبوك في ذلك القيظ والحر الشديد والجهد لم يسألوا خرق عادة، ولا إيجاد أمر، مع أن ذلك كان سهلاً على النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن لما أجهدهم الجوع سألوه في تكثير طعامهم، فجمعوا ما معهم، فجاء قَدْرَ مَبرك الشاة، فدعا الله فيه وأمرهم فملئوا كل وعاء معهم، وكذا لما احتاجوا إلى الماء سأل الله تعالى فجاءتهم سحابة، فأمطرتهم فشربوا وسقوا الإبل وملئوا أسقيتهم، ثم نظروا فإذا هي لم تجاوز العسكر، فهذا هو الأكمل في اتباع الشيء مع قدر الله مع متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم].
كذلك في غزوة الحديبية كانت هناك بئر فنزحوها فنضبت فلم يبق شيء، فشكا الناس العطش إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فدعا بإناء قليل فيه شيء قليل، فوضع أصابع يده وفرجها فنبع الماء من بين أصابعه عليه الصلاة والسلام، فشربوا وتوضئوا واغتسلوا، وملئوا كل وعاء.