قال المصنف رحمه الله تعالى: [يخبر تعالى أنه خلق السماوات والأرض بالحق، أي: بالعدل والقسط {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى}[النجم:٣١]، وأنه لم يخلق ذلك عبثاً ولا لعباً، كما قال:{وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ}[ص:٢٧].
وقوله تعالى:{لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ}[الأنبياء:١٧]، قال ابن أبي نجيح عن مجاهد:{لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا}[الأنبياء:١٧] يعني: من عندنا، يقول: وما خلقنا جنة ولا ناراً، ولا موتاً ولا بعثاً ولا حساباً، وقال الحسن وقتادة وغيرهما:{لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا}[الأنبياء:١٧]: اللهو المرأة بلسان أهل اليمن، وقال إبراهيم النخعي:{لاتَّخَذْنَاهُ}[الأنبياء:١٧] من الحور العين.
وقال عكرمة والسدي: والمراد باللهو هاهنا: الولد.
وهذا والذي قبله متلازمان، وهو كقوله تعالى:{لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ}[الزمر:٤]، فنزه نفسه عن اتخاذ الولد مطلقاً ولاسيما عما يقولون من الإفك والباطل من اتخاذ عيسى، أو العزير، أو الملائكة، سبحانه وتعالى عما يقولون علواً كبيراً].
هذا شرط تقديري لا يكون؛ لأن (أو) امتناع لامتناع، فقال تعالى:{لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ}[الأنبياء:١٧]، ولو حرف امتناع لامتناع، وكما في الآية الأخرى:{لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ}[الزمر:٤]، لكنه لا يكون؛ لأن هذا مستحيل، فهذا شرط تقديري يبين به مقادير الأشياء مثل قوله تعالى لنبيه:{لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ}[الزمر:٦٥]، وهو معصوم من الشرك عليه الصلاة والسلام، لكن هذا لبيان قدر الأعمال، وأن الشرك أمره عظيم يحبط الأعمال مهما كان.