للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم قراءة المأموم للفاتحة]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [الوجه الثالث: هل تجب قراءة الفاتحة على المأموم؟ فيه ثلاثة أقوال للعلماء: أحدها: أنه تجب عليه قراءتها كما تجب على إمامه؛ لعموم الأحاديث المتقدمة.

والثاني: لا تجب على المأموم قراءة بالكلية لا الفاتحة ولا غيرها لا في صلاة الجهرية ولا في صلاة السرية؛ لما رواه الإمام أحمد بن حنبل في مسنده عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة)، ولكن في إسناده ضعف، ورواه مالك عن وهب بن كيسان عن جابر من كلامه، وقد روي هذا الحديث من طرق ولا يصح شيء منها عن النبي صلى الله عليه وسلم، والله أعلم.

والقول الثالث: أنه تجب القراءة على المأموم في السرية لما تقدم، ولا يجب ذلك في الجهرية؛ لما ثبت في صحيح مسلم عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا قرأ فأنصتوا)، وذكر بقية الحديث، وهكذا رواه بقية أهل السنن: أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (وإذا قرأ فأنصتوا)، وقد صححه مسلم بن الحجاج أيضاً، فدل هذان الحديثان على صحة هذا القول، وهو قول قديم للشافعي رحمه الله، والله أعلم، ورواية عن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى.

والغرض من ذكر هذه المسائل هاهنا بيان اختصاص سورة الفاتحة بأحكام لا تتعلق بغيرها من السور].

إذاً: هنا ثلاثة أقوال: تجب مطلقاً في السرية والجهرية، لا تجب مطلقاً في السرية والجهرية، تجب في السرية دون الجهرية، وأيضاً هناك قول رابع: وهو أنها تجب على من أدرك الإمام راكعاً، والصواب أنها واجبة مطلقاً في السرية والجهرية، وهي مستثناة من قوله: (وإذا قرأ فأنصتوا)، ومستثناة أيضاً من قوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا} [الأعراف:٢٠٤]، كما سبق في الحديث قال: (يا أبا هريرة إني أكون خلف الإمام؟ فقال له أبو هريرة: اقرأ بها في نفسك يا فارسي!).

فـ أبو هريرة رضي الله عنه اختار هذا القول، وهو أنها واجبة على المأموم مطلقاً في السرية والجهرية.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقال الحافظ أبو بكر البزار: حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري حدثنا غسان بن عبيد عن أبي عمران الجوني عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا وضعت جنبك على الفراش وقرأت فاتحة الكتاب و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص:١] فقد أمنت من كل شيء إلا الموت)].

وهذا في صحته نظر؛ لأن المعروف أن آية الكرسي هي التي تقرأ عند النوم وكذلك الذكر المعروف، وأما قراءة الفاتحة عند النوم ففي صحة ذلك نظر.