قال الطحاوي: حدثنا أبو أمية حدثنا سليمان بن عبيد الله الأنصاري الرقي حدثنا بقية بن الوليد حدثنا محمد بن زياد الألهاني عن أبي أمامة الباهلي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم لأصحابه: (ألا أحدثكم عن الخضر قالوا: بلى يا رسول الله، قال: بينا هو ذات يوم يمشي في سوق بني إسرائيل أبصره رجل مكاتب، فقال: تصدق علي بارك الله فيك، فقال الخضر: آمنت بالله ما يريد الله من أمر يكون، ما عندي شيء أعطيكه، فقال المسكين: أسألك بوجه الله لما تصدقت علي إني نظرت إلى سيماء الخير في وجهك ورجوت البركة عندك، فقال الخضر: آمنت بالله ما عندي شيء أعطيكه إلا أن تأخذني فتبيعني، فقال المسكين: هل يستقيم هذا؟ قال: نعم، الحق أقول لك: لقد سألتني بأمر عظيم، ما لي لا أجيبك لوجه ربي؟ فبعني، فقدمه إلى السوق فباعه بأربعمائة درهم، فمكث عند المشتري زماناً لا يستعمله في شيء، فقال الخضر: إنك إنما ابتعتني التماس خيري فأوصني بعمل، قال: أكره أن أشق عليك وأنت شيخ كبير، قال: ليس يشق علي، فقال: قم فانقل هذه الحجارة وكان لا ينقلها دون ستة نفر في يوم فخرج الرجل ليقضي حاجته ثم انصرف وقد نقل الحجارة في ساعة، فقال له أحسنت وأحكمت وأطقت مالم أرك تطيقه، ثم عرض للرجل سفر فقال: إني أحسبك أميناً فاخلفني في أهلي خلافةً حسنة، قال: أوصني بعمل، قال: إني أكره أن أشق عليك ومضى الرجل لسفرة فرجع وقد شد بناءه، فقال الرجل: أسألك بوجه الله عز وجل ما حسبك وما أمرك؟ فقال: سألتني بوجه الله عز وجل ووجه الله أوقعني في العبودية، قال: سأخبرك من أنا، أنا الخضر الذي سمعت به، سألني رجل مسكين صدقة فلم يكن عندي شيء أعطيه، ثم سألني بوجه الله عز وجل فأمكنته من رقبتي فباعني، وأخبرك أنه من سئل بوجه الله فرد سائله وهو يقدر وقف يوم القيامة وليس بوجهه جلد ولا لحم ولا دم ولا عظم يتقعقع، قال: آمنت بذلك شققت عليك يا رسول الله، احكم في أهلي ومالي بما أراك الله عز وجل، أو أخيرك فأخلي سبيلك قال: أحب أن تخلي سبيلي يا عبد الله، فخلى سبيله، فقال الخضر: الحمد الله الذي أوقعني في العبودية وأخرجني منها)، أخرجه الطحاوي في مشكل الآثار.
وإسناده حسن، فـ أبو أمية شيخ الطحاوي وهو - محمد بن القاسم - المعروف بـ سحيم الحراني قال فيه أبو حاتم في الجرح والتعديل: صدوق، وتابعه غيره كما عند النقاش في فنون العجائب، والطبراني في المعجم الكبير، وابن عساكر في تاريخ دمشق وسليمان بن عبيد الله الأنصاري الرقي صدوق أيضاً كما في التقريب، وبقية مدلس وقد صرح بالتحديث ومحمد بن زياد الألهاني أخرج له البخاري والأربعة وهو ثقة، ونقل النقاش عن أبي بكر بن أبي عاصم قوله: هذا خبر ثابت من جهة النقل وفيه فوائد.
وهذا الخبر إن صح فهو محمول على أن هذا جائز في شريعة الخضر، أما في شريعة الإسلام لا يجوز للإنسان أن يبيع نفسه، لأن حر، جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(ثلاثة لا يكلمهم الله وذكر منهم: من باع حراً فأكل ثمنه).
وفي هذا دليل على أنه نبي.
وهذا تخريج مشهور حسن سلمان وخرجه شعيب الأرناءوط في مشكل الآثار.
وهذا الحديث فيه سليمان بن عبيد الله الرقي وإن كان فيه كلام لكنه قد توبع، وبقية بن الوليد نقموا عليه بكثرة تدليسه عن الضعفاء فلا يحتج به إذا انفرد بشيء فيكون الحديث ضعيفاً.
ورواه الطبراني عن حسن بن علي المعمري، وأبو نعيم في أخبار أصفهان من طريق أحمد بن عمرو بن أبي عاصم فيه كلاهما عن محمد بن علي بن ميمون الرقي وعن سليمان بن عبيد الله الخطاب الأنصاري بهذا الإسناد، ورواه الطبراني أيضاً عن عمرو بن إسحاق بن إبراهيم بن العلاء الحمصي عن محمد بن الفضل بن عمران الكندي عن بقية به، وقال الهيثمي في المجمع بعد أن نسبه إلى الطبراني: رجاله موثقون إلا أن بقية مدلس، لكنه ثقة.
وقال الحافظ ابن كثير في قصص الأنبياء بعد أن أورده عن أبي نعيم عن الطبراني بالطريق الثاني: وهذا الحديث رفعه خطأ والأشبه أن يكون موقوفاً وفي رجاله من لا يعرف والله أعلم.
وقد رواه ابن الجوزي في كتابه (عجالة المنتظر في شرح حالة الخضر) من طريق عبد الوهاب بن الضحاك وهو متروك عن بقية، وعلى هذا يكون الحديث ضعيفاً.