قال: [(فانطلقا يمشيان على ساحل البحر، فمرت سفينة فكلموهم أن يحملوهم، فعرفوا الخضر فحملوهم بغير نول، فلما ركبا في السفينة لم يفجأ إلا والخضر قد قلع لوحاً من ألواح السفينة بالقدوم، فقال له موسى: قد حملونا بغير نول فعمدت إلى سفينتهم فخرقتها لتغرق أهلها؟ {لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا}[الكهف:٧١])].
أي: حملوا الثلاثة: الخضر وموسى وفتاه بدون أجرة؛ لأنهم عرفوا الخضر، أما موسى فليس معروفاً في هذه الأرض البحرية البعيدة، وقوله:(لقد جئت شيئاً إمراً) أي: أمراً عظيماً.
قال: [(فلما ركبا في السفينة لم يفجأ إلا والخضر قد قلع لوحاً من ألواح السفينة بالقدوم)].
يعني: فاجأهم الخضر بأن أخذ الفأس وصار يضرب ضرباً قوياً حتى خرق السفينة، فانزعج موسى لهذا الأمر ولم يصبر، فموسى عليه السلام كان شديداً في أمر الله، فقد جبله الله على الشدة والقوة وإنكار المنكر؛ لأنه يرى أن هذا مخالف لظاهر الشرع، فلذلك انزعج موسى واستغرب استغراباً عظيماً، وقال منكراً على الخضر: أناس حملونا بغير أجرة وأحسنوا إلينا تفسد عليهم سفينتهم، (هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلَّا الإِحْسَانُ)؟! فذكره الخضر بما قال له فقال:{قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا}[الكهف:٧٢] أي: قد أخبرتك ابتداءً أنك لا تستطيع أن تصبر.