للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تابع معنى اسمي الله عز وجل: (الرحمن والرحيم)]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [فلهذا بدأ باسم الله ووصفه بالرحمن؛ لأنه أخص وأعرف من الرحيم؛ لأن التسمية أولاً إنما تكون بأشرف الأسماء، فلهذا ابتدأ بالأخص فالأخص.

فإن قيل: فإذا كان الرحمن أشد مبالغة فهلا اكتفى به عن الرحيم؟ فقد روي عن عطاء الخراساني ما معناه: أنه لما تسمى غيره تعالى بالرحمن جيء بلفظ الرحيم ليقطع الوهم بذلك، فإنه لا يوصف بالرحمن الرحيم إلا الله تعالى.

كذا رواه ابن جرير عن عطاء ووجهه بذلك، والله أعلم.

وقد زعم بعضهم أن العرب لا تعرف الرحمن حتى رد الله عليهم ذلك بقوله: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَّا تَدْعُوا فَلَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الإسراء:١١٠]؛ ولهذا قال كفار قريش يوم الحديبية لما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لـ علي رضي الله عنه الله عنه: (اكتب بسم الله الرحمن الرحيم، فقالوا: لا نعرف الرحمن ولا الرحيم).

رواه البخاري.

وفي بعض الروايات: (لا نعرف الرحمن إلا رحمن اليمامة)].

يعنون: مسيلمة.

قال: [وقال تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا} [الفرقان:٦٠].

والظاهر أن إنكارهم هذا إنما هو جحود وعناد وتعنت في كفرهم].

كما قال سبحانه: {وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ} [الرعد:٣٠]، وهذا من عنادهم، وإلا فإنهم يعرفون الرحمة.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [فإنه قد وجد في أشعارهم في الجاهلية تسمية الله تعالى بالرحمن، قال ابن جرير: وقد أنشد بعض الجاهلية الجهال: ألا ضربت تلك الفتاة هجينها ألا قضب الرحمن ربى يمينها].

الهجين: الفرس من الخيل غير العربي.

وقوله: (قضب الرحمن) يعني قطع الرحمن، يدعو عليها.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقال سلامة بن جندب الطهوي: عجلتم علينا إذ عجلنا عليكم وما يشأ الرحمن يعقد ويطلق].

قوله (يعقد ويطلق) بالبناء للمجهول.

وسلامة بن جندب في بعض النسخ جندل، فتراجع دواوين الشعر قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقال ابن جرير: حدثنا أبو كريب حدثنا عثمان بن سعيد حدثنا بشر بن عمارة حدثنا أبو روق عن الضحاك عن عبد الله بن عباس قال: الرحمن الفعلان من الرحمة، هو من كلام العرب، وقال: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة:٣] الرفيق الرقيق لمن أحب أن يرحمه، والبعيد الشديد على من أحب أن يعنف عليه، وكذلك أسماؤه كلها.

وقال ابن جرير أيضاً: حدثنا محمد بن بشار حدثنا حماد بن مسعدة عن عوف عن الحسن قال: الرحمن اسم ممنوع].

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد يحيى بن سعيد القطان حدثنا زيد بن الحباب حدثني أبو الأشهب عن الحسن قال: الرحمن اسم لا يستطيع الناس أن ينتحلوه، تسمى به تبارك وتعالى].

يعني: لا يستطيعون أن يتسموا به أو ينسبوه ويضيفوه إلى أنفسهم.