قال المصنف رحمه الله تعالى: [وقوله: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ}[الحج:٣٦]، قال بعض السلف قوله:{فَكُلُوا مِنْهَا}[الحج:٣٦]، أمر إباحة، وقال مالك: يستحب ذلك، وقال غيره يجب، وهو وجه لبعض الشافعية].
في الأمر بالأكل منها ثلاثة أقوال: أنه للإباحة أو للاستحباب أو للوجوب، والصواب: أنه للاستحباب وليس بواجب.
قال المصنف رحمه الله تعالى:[واختلف في المراد بالقانع والمعتر، فقال العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما: القانع: المستغني بما أعطيته وهو في بيته.
والمعتر: الذي يتعرض لك ويلم بك أن تعطيه من اللحم ولا يسأل، وكذا قال مجاهد ومحمد بن كعب القرظي وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس القانع: المتعفف، والمعتر: السائل، وهذا قول قتادة وإبراهيم النخعي ومجاهد في رواية عنه، وقال ابن عباس وعكرمة وزيد بن أسلم والكلبي والحسن البصري ومقاتل بن حيان ومالك بن أنس القانع: هو الذي يقنع إليك ويسألك، والمعتر: الذي يعتري يتضرع، ولا يسألك.
وهذا لفظ الحسن، وقال سعيد بن جبير: القانع هو السائل، ثم قال أما سمعت قول الشماخ: لمال المرء يصلحه فيغني مفاقره أعف من القنوع].
القنوع أي: القانع، وهو السائل.
والمعتر أعف من القانع.
قال المصنف رحمه الله تعالى:[قال يغني: من السؤال، وفيه قال ابن زيد، وقال زيد بن أسلم: القانع: المسكين الذي يطوف، والمعتر: الصديق والضعيف الذي يزور، وهو رواية عن ابنه عبد الرحمن بن زيد أيضاً، وعن مجاهد أيضاً، القانع: جارك الغني الذي يبصر ما يدخل بيتك، والمعتر: الذي يعتزل من الناس].
الأقرب أنها: يعتري.
قال المصنف رحمه الله تعالى:[وعنه أن القانع: هو الطامع، والمعتر: هو الذي يعتر بالبدن من غني أو فقير، وعن عكرمة نحوه، وعنه القانع: أهل مكة، واختار ابن جرير أن القانع: هو السائل؛ لأنه مِنْ أقنع بيده إذا رفعها للسؤال، والمعتر: من الاعتراء وهو الذي يتعرض لأكل اللحم].
والحاصل: أن هذا فيه خلاف، وقد ذكر الحافظ رحمه الله أقوالاً كثيرة في القانع والمعتر، وظاهر الآية: أن القانع: هو الذي يقنع بما يعطى، وقد يكون سائلاً وقد يكون غير سائل، والظاهر أنه غير السائل؛ لأنه يقنع بما يعطى، وقد يكون سائلاً ثم يقنع بما يعطى.