قال المصنف رحمه الله تعالى: [ثم الدليل على أنها بابل العراق ما قال ابن أبي حاتم: أخبرنا علي بن الحسين أخبرنا أحمد بن صالح حدثني ابن وهب حدثني ابن لهيعة ويحيى بن أزهر عن عمار بن سعد المرادي عن أبي صالح الغفاري أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه مر ببابل وهو يسير، فجاء المؤذن يؤذنه بصلاة العصر، فلما برز منها أمر المؤذن فأقام الصلاة، فلما فرغ قال:(إن حبيبي صلى الله عليه وسلم نهاني أن أصلي بأرض المقبرة، ونهاني أن أصلي ببابل؛ فإنها ملعونة)].
هذا الحديث ضعيف؛ لأن فيه ابن لهيعة.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [وقال أبو داود: أخبرنا سليمان بن داود أخبرنا ابن وهب حدثني ابن لهيعة ويحيى بن أزهر عن عمار بن سعد المرادي عن أبي صالح الغفاري أن علياً مر ببابل؛ وهو يسير فجاءه المؤذن يؤذنه بصلاة العصر، فلما برز منها أمر المؤذن فأقام الصلاة، فلما فرغ قال:(إن حبيبي صلى الله عليه وسلم نهاني أن أصلي في المقبرة، ونهاني أن أصلي بأرض بابل فإنها ملعونة)، حدثنا أحمد بن صالح حدثنا ابن وهب أخبرني يحيى بن أزهر وابن لهيعة عن حجاج بن شداد عن أبي صالح الغفاري عن علي بمعنى حديث سليمان بن داود قال: فلما (خرج) مكان (برز)، وهذا الحديث حسن عند الإمام أبي داود؛ لأنه رواه وسكت عليه، ففيه من الفقه كراهية الصلاة بأرض بابل كما تكره بديار ثمود الذين نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدخول إلى منازلهم إلا أن يكونوا باكين].
المراد بالصلاة الصلاة المعروفة، فلا يصلى فيها؛ لأنه يحرم الصلاة في أرض العذاب مثل الصلاة في الأرض المغصوبة، وهل تصح الصلاة لو صلى مع الإثم أو لا تصح؟ فيه خلاف بين أهل العلم، والصلاة في الأرض المغصوبة لا تجوز وحرام، ولكن اختلف العلماء في صحتها، فالحنابلة يرون أنها لا تصح، وغيرهم يرى أنها تصح مع الإثم، وهو الأقرب، ومثلها الصلاة في الثوب المغصوب أو الثوب الحرير.
فإن قيل: إنه منهي عنها لذات المكان، ولشيء يتعلق بالصلاة، فنقول: النهي ليس لشيء يتعلق بالصلاة، وإنما النهي يتعلق بالأرض ذاتها؛ لأنها أرض العذاب.
والحديث عند أبي داود حسن مع أنه فيه ابن لهيعة، لأن ابن وهب رواه عنه وعن آخر، وهو: يحيى بن أزهر، وأبو داود روى الحديث وفتش عنه، فهو حسن عنده.
قال الفقهاء: لا تجوز الصلاة في أرض بابل؛ لأنها مكان عذاب، ولكن هل يؤخذ من هذه الآثار أن بابل هي مكان عذاب للملكين؟ لم يثبت ذلك، لكن إذا ثبت الحديث فإنه يكفي، وإذا صح الحديث في أن بابل أرض عذاب، فهل هي أرض عذاب للملكين أو غيرهما؟ هذا يحتاج إلى تأمل.
قال المصنف رحمه الله تعالى:[قال أصحاب الهيئة: وبعد ما بين بابل -وهي من إقليم العراق- عن البحر المحيط الغربي -ويقال له: أوقيانوس- سبعون درجة، ويسمون هذا طولاً، وأما عرضهما -وهو بعد ما بينها وبين وسط الأرض من ناحية الجنوب وهو المسامت لخط الاستواء- اثنان وثلاثون درجة، والله أعلم].