قال المؤلف رحمه الله تعالى: [فأما عدد آيات القرآن العظيم فستة آلاف آية، ثم اختلف فيما زاد على ذلك على أقوال، فمنهم من لم يزد على ذلك، ومنهم من قال: ومائتي آية وأربع آيات، وقيل: وأربع عشرة آية، وقيل: ومائتان وتسع عشرة آية، وقيل: ومائتان وخمس وعشرون آية أو ست وعشرون آية، وقيل: ومائتان وست وثلاثون، حكى ذلك أبو عمرو الداني في كتابه البيان، وأما كلماته فقال الفضل بن شاذان عن عطاء بن يسار: سبع وسبعون ألف كلمة وأربعمائة وتسع وثلاثون كلمة، وأما حروفه فقال عبد الله بن كثير عن مجاهد: هذا ما أحصيناه من القرآن، وهو ثلاثمائة ألف حرف وأحد وعشرون ألف حرف ومائة وثمانون حرفاً، وقال الفضل بن عطاء بن يسار ثلاثمائة ألف حرف وثلاثة وعشرون ألفاً وخمسة عشر حرفاً، وقال سلام أبو محمد الحماني: إن الحجاج جمع القراء والحفاظ والكتاب فقال: أخبروني عن القرآن كله كم من حرف هو؟ قال: فحسبنا فأجمعوا أنه ثلاثمائة ألف وأربعون ألفاً وسبعمائة وأربعون حرفاً، قال فأخبروني عن نصفه.
فإذا هو إلى الفاء من قوله في الكهف:{وَلْيَتَلَطَّفْ}[الكهف:١٩]، وثلثه الأول عند رأس مائة آية من براءة، والثاني على رأس مائة أو إحدى ومائة من الشعراء، والثالث إلى آخره، وسبعه الأول إلى الدال من قوله تعالى:{فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ}[النساء:٥٥] والسبع الثاني إلى التاء في قوله تعالى في سورة الأعراف: {أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ}[التوبة:١٧] والثالث إلى الألف الثاني من قوله تعالى في الرعد: {أُكُلُهَا}[الرعد:٣٥]، والرابع إلى الألف في الحج من قوله:{جَعَلْنَا مَنْسَكًا}[الحج:٣٤] والخامس إلى الهاء من قوله في الأحزاب: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ}[الأحزاب:٣٦]، والسادس إلى الواو من قوله تعالى في الفتح:{الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ}[الفتح:٦] والسابع إلى آخر القرآن، قال سلام أبو محمد: علمنا ذلك في أربعة أشهر، قالوا: وكان الحجاج يقرأ في كل ليلة ربع القرآن، فالأول إلى آخر الأنعام، والثاني إلى (وليتلطف) في سورة الكهف، والثالث إلى آخر الزمر، والرابع إلى آخر القرآن].
المهم هو التدبر والعمل، بحيث يقرأ المسلم بتدبر وخضوع وخشوع ورغبة ورهبة ثم يعمل، وقد ثبت في حديث ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: (الم) حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف).
وقوله:(قالوا: وكان الحجاج يقرأ في كل ليلة ربع القرآن، فالأول إلى آخر الأنعام، والثاني إلى {وَلْيَتَلَطَّفْ}[الكهف:١٩] في سورة الكهف، والثالث إلى آخر الزمر، والرابع إلى آخر القرآن) هذا لو صح لكان من الحسنات التي عملها الحجاج، فـ الحجاج فاسق ظالم أسرف في القتل حتى قتل الألوف، وقد قتل سعيد بن جبير، ويقال: إنه رئي في المنام بعد موته فسئل عن حاله فقال: قتلت بكل قتيل قتلة إلا سعيد بن جبير قتلت به سبعين قتلة، وإني بعد ذلك أرجو ما يرجو المحسنون.
وهو موحد لكنه عند أهل العلم فاسق وظالم؛ لأنه أسرف في القتل فقتل خلقاً كثيراً، فإن صح أنه كان يقرأ في كل ليلة ربع القرآن فذلك من حسناته.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقد حكى الشيخ أبو عمرو الداني في كتابه (البيان) خلافاً في هذا كله.