للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[رواية العوفي عن ابن عباس لقصة موسى والخضر]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقال العوفي عن ابن عباس قال: لما ظهر موسى وقومه على مصر أنزل قومه مصر، فلما استقرت بهم الدار أنزل الله أن: ذكرهم بأيام الله، فخطب قومه، فذكر ما آتاهم الله من الخير والنعمة، وذكرهم إذ نجاهم الله من آل فرعون، وذكرهم هلاك عدوهم وما استخلفهم الله في الأرض، وقال: كلم الله نبيكم تكليماً، واصطفاني لنفسه، وأنزل علي محبة منه، وآتاكم الله من كل ما سألتموه، فنبيكم أفضل أهل الأرض، وأنتم تقرءون التوراة، فلم يترك نعمة أنعم الله عليهم إلا وعرفهم إياها، فقال له رجل من بني إسرائيل: هم كذلك يا نبي الله، قد عرفنا الذي تقول، فهل على الأرض أحد أعلم منك يا نبي الله؟ قال: لا، فبعث الله جبرائيل إلى موسى عليه السلام فقال: إن الله عز وجل يقول: وما يدريك أين أضع علمي؟! بلى إن على شط البحر رجلاً هو أعلم منك.

قال ابن عباس: هو الخضر، فسأل موسى ربه أن يريه إياه، فأوحى إليه أن ائت البحر، فإنك تجد على شط البحر حوتاً، فخذه فادفعه إلى فتاك، ثم الزم شاطئ البحر، فإذا نسيت الحوت وهلك منك فثم تجد العبد الصالح الذي تطلب، فلما طال سفر موسى نبي الله ونصب فيه سأل فتاه عن الحوت، فقال له فتاه وهو غلامه: {أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ} [الكهف:٦٣] لك، قال الفتى: لقد رأيت الحوت حين اتخذ سبيله في البحر سرباً، فأعجب ذلك موسى، فرجع حتى أتى الصخرة فوجد الحوت، فجعل الحوت يضرب في البحر ويتبعه موسى، وجعل موسى يقدم عصاه يفرج بها عنه الماء يتبع الحوت، وجعل الحوت لا يمس شيئاً من البحر إلا يبس عنه الماء، حتى يكون صخرة، فجعل نبي الله يعجب من ذلك، حتى انتهى به الحوت إلى جزيرة من جزائر البحر، فلقي الخضر فسلم عليه، فقال الخضر: وعليك السلام، وأنى يكون السلام بهذه الأرض؟! ومن أنت؟ قال: أنا موسى، فقال الخضر: صاحب بني إسرائيل؟ قال: نعم، فرحب به وقال: ما جاء بك؟ قال: جئتك {عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا * قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا} [الكهف:٦٦ - ٦٧]، يقول: لا تطيق ذلك، قال موسى: {قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا} [الكهف:٦٩]، قال: فانطلق به، وقال له: لا تسألني عن شيء أصنعه حتى أبين لك شأنه، فذلك قوله: {حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا} [الكهف:٧٠]].