قال المؤلف رحمه الله تعالى:[وهل إذا تاب الساحر تقبل توبته؟ فقال مالك وأبو حنيفة وأحمد في المشهور عنهم: لا تقبل، وقال الشافعي وأحمد في الرواية الأخرى: تقبل].
هذه المسألة فيها خلاف، وهي: هل تقبل توبة الساحر؟ فالمحققون على أنها لا تقبل، وكذلك -أيضاً- الزنديق، ومن سب الله، أو الرسول، أو سب الدين، أو استهزأ بالله وبرسوله وبكتابه، فلا تقبل توبته في الدنيا؛ زجراً له ولأمثاله عن هذا الكفر الغليظ، قالوا: فلو ادعى التوبة لا نقبل توبته، بل لا بد من قتله في الدنيا، وأما في الآخرة فأمره إلى الله، فإن كان صادقاً فالله يحب الصادقين، وإن كان كاذباً فله حكم الكاذبين.
وقال آخرون من أهل العلم: يستتاب، فإن تاب -ولو كان ساحراً- فإنه يترك، والصواب أنه إن سلم نفسه قبل أن يقبض عليه فإنه تقبل توبته؛ لأن هذا دليل على أنه تاب، وأما إذا قبض عليه ثم ادعى التوبة فلا تقبل، ويكون حكمه حكم المحاربين، كما قال الله تعالى في المحاربين:{إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[المائدة:٣٤].