الحديث الذي فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل معاذاً لما بعثه إلى اليمن:(بم تحكم؟ قال: بكتاب الله, قال: فإن لم تجد؟ قال: بسنة رسول الله، قال: فإن لم تجد، قال: أجتهد رأيي ولا آلو، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي الله ورسوله) هذا الحديث كما سبق يقول الحافظ: إسناده جيد، وقد أقر هذا الحديث شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم.
ولكن الشيخ الألباني حفظه الله ذكر في كتابه الأحاديث الضعيفة هذا الحديث برقم كذا وقال: إنه حديث منكر, فما موقف طالب العلم من ذلك: هل يأخذ بقول المتقدم من ذلك أم يأخذ بقول المتأخر؟
الجواب
طالب العلم يبحث عن الأسانيد وينظر فيها إذا كان عنده قدرة ولا يكتفي بالتقليد، فإذا وجد أن الحديث له أسانيد وله طرق يشد بعضها بعضاً أخذ به, وإن وجد أن الحديث طرقه ضعيفة فلا يأخذ به، لكن معروف عند العلماء أنه حديث جيد، وقد اعتمده العلماء والأصوليون والإمام شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره من أهل العلم، وقد يكون الألباني وفقه الله -إن صح عنه هذا- ما اطلع على كل الطرق، فقد يفوت عليه شيء، فالشيخ الألباني فاتت عليه أشياء كثيرة كغيره، ففي (إرواء الغليل) فات عليه أحاديث كثيرة، فبعضها سكت عنها، وبعضها قال: لا أعرفه، ثم تعقبه وكتب بعده الشيخ صالح آل الشيخ، فقد خرج أكثر من مئتي حديث لم تخرج في إرواء الغليل بل كلها سكت عنها الألباني , وفي أشياء كذلك وهم فيها الألباني رحمه الله، فهو ليس بمعصوم، حتى إن شيخ الإسلام رحمة الله عليه مع إمامته قد يتوهم في بعض الأشياء، فطالب العلم يجمع الأسانيد وينظر فيها, وسند هذا الحديث معروف عند العلماء أنه جيد، وما دام اطلع العلماء على أنّ سنده جيد فهذا يدل على أن الشيخ الألباني قد خفي عليه بعض الأسانيد, وقد يكون ضعفه اجتهاداً منه، وضعفه مثلاً من أجل بعض الرواة والعلماء الآخرون, قد قووا هؤلاء الرواة في المتابعات، فالمقصود: أن طالب العلم عليه أن يتأمل، وإذا أراد أن يقلد فلا شك أن تقليد الأقدمين أولى, فإذا لم يكن عنده بصيرة قلد الأقدمين، فتقليد شيخ الإسلام والعلماء الأكابر والقدامى أولى من تقليد الشيخ الألباني في هذا، هذا إذا رجعت إلى مسألة التقليد، وإن كان عندك استطاعة فلتنظر ولتجمع الأسانيد.