للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثلاثة المذكورين عن نافع فرارا من الجمع بين الساكنين، وقد قدّمنا أن الجمع بينهما في مثل ذلك جائز مسموع.

وحدّثني الحسن بن شاكر المصري «١» قال: نا أحمد بن نصر، قال: قال ابن مجاهد قال: من رأيت يضبط هذا يعني الاختلاس والإخفاء، قال: وسألت متقدما منهم مشهورا عن يهدي فلفظ به ثلاث مرّات كل واحدة تخالف أختها «٢»، قال أحمد بن نصر: وكان أكثر ما يقرأ به ابن مجاهد الفتح إلا من رآه «٣» موضعا كذلك، وكذا ذكره أبو طاهر أنه قرأ عليه في مذهب أبي عمرو بفتح الهاء والخاء معا. قال أبو عمرو وإنما كان ابن مجاهد رحمه الله يأخذ في قراءة أبي عمرو بفتح الهاء والخاء تيسيرا على المبتدئين، واعتمادا على رواية من روى ذلك عن اليزيدي، على أن العباس بن الفضل «٤» قد قال: سألت أبا عمرو فقرأ يهدي كأنه يقول يهتدي، فيدغم ويسكن الهاء، قال: وسألته عن يهدي بفتح الهاء، فقال: لا. وقال ابن رومي عن العباس أنه قرأ على أبي عمرو، فيقول: قاربت ولم تصنع شيئا. قال ابن رومي «٥» فقلت للعباس: خذه عليّ أنت على لفظ أبي عمرو، فقلته مرة واحدة، فقال: أصبت «٦» هكذا كان أبو عمرو يقول. وهذا يدلّ على أن مذهبه الاختلاس دون الفتح.

واختلف عن عاصم فروى عنه حمّاد والبرجمي والعليمي وإسحاق الأزرق وعبيد بن نعيم وابن جبير والكسائي من رواية أبي عمر وأبي توبة «٧» عنه ويحيى بن آدم من


(١) ورد ذكره في (جامع البيان) في مواضع كثيرة وكذا في (النشر) ١/ ٣٣٥ و ٢/ ١١٥، ولم أقف عليه بعد البحث.
(٢) قال العلامة ابن الجزري تعليقا على ذلك قلت: لا شك في صعوبة الاختلاس، ولكن الرياضة من الأستاذ تذلّله. (النشر) ٢/ ٢٨٤.
(٣) كذا بالنسختين، ولم أهتد لمعناها.
(٤) العباس بن الفضل أستاذ حاذق ثقة، من أكابر أصحاب أبي عمرو في القراءة، وضبط عنه الإدغام الكبير، وعنه حمزة بن القاسم وغيره، وكان عظيم القدر جليل المنزلة. (غاية) ١/ ٣٥٣.
(٥) هو: محمد بن عمر بن عبد الله بن رومي، مقرئ جليل، أخذ عن العباس بن الفضل واليزيدي، وهو من أجل أصحابهما، وعنه علي بن الحسن (غاية) ٢/ ٢١٨.
(٦) قلت: وهذا التعليل من أبي عمرو لفعل ابن مجاهد حسن وجيد، لأن الاختلاس لا يتقنه كل أحد؛ حتى من بعض المشتغلين بالقراءة، إلا بعد تمرين ورياضة، لذا يلجأ البعض منهم إلى عمل ابن مجاهد.
(٧) هو: ميمون بن حفص أو توبة النحوي الكوفي، راو معروف من أئمة العربية، روى عن الكسائي، وعنه محمد بن الجهم وغيره. (غاية) ٢/ ٣٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>