للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأدغما الواو التي قبلها فيها، ولم يجعلاها «١» بين بين كما فعلا ذلك بها في نحو هاؤلاء إن كنتم [البقرة: ٣١] وشبهه؛ لأن قبلها هناك الألف فلزم حركة ما قبلها وقوي

المدّ فيها فصارت بمنزلة المحرك، ولذلك اشتركا في الامتناع من الإدغام، فجاز جعل الهمزة بعدها بين بين كما يجوز جعلها بعد المتحرك، ألا ترى أن الساكن المحض قد يقع بعدها في نحو دابة [البقرة: ١٦٤] وصواف [الحج: ٣٦] وحاد [المجادلة: ٢٢] وشبهه، فلولا أنها بمنزلة المتحرك لم يجز وقوعه بعدها بإجماع، فوقوع الهمزة المجعولة بين بين بعدها أجوز وأحسن لكونها في زنة المتحرك، وقد كان بعض أهل الأداء يأخذ في قراءة نافع وابن كثير من الطرق المذكورة في هذا الموضع، يجعل الهمزة بين الهمزة والياء «٢» قياسا على جعلها بعد الألف كذلك وذلك خروج عن قياس «٣» التسهيل، وعدول عن مذاهب القرّاء.

وقرأ نافع في رواية ورش «٤» وابن كثير في رواية القوّاس بتحقيق الهمزة الأولى


(١) في (م) ولم يجعلها.
(٢) روى جماعة من أهل الأداء وجها آخر عن قالون والبزي وهو: تسهيل الأولى بين بين، ذكره ابن غلبون في (التذكرة) ٢/ ٣٨٠، وابن بليمة في (تلخيص العبارات) ٢٩ و ١٠٦، وعبر فيه عن التسهيل بالياء المختلسة من غير مد، والشاطبي في (الحرز) ص ١٧، حيث يقول: وقالون والبزي في الفتح وافقا ... وفي غيره كالياء وكالواو سهلا ... وهو الوجه الثاني في الشاطبية، ويعتبر من زيادات القصيد (سراج القارئ) ٧٠، وابن الجزري في (النشر) ١/ ٣٨٣، وعلى هذا الوجه يجوز المد والقصر، ويقدم المد لبقاء أثر الهمز. قال الناظم: وإن حرف مد قبل همز مغير ... يجز قصره والمد ما زال أعدلا.
إذا أثر الهمز المغير قد بقي ...
(٣) انظر: (الإتحاف) ٣/ ١٤٩، و (مختصر بلوغ الأمنية) / ٧٢، و (البدور الزاهرة) / ١٦٢، ويروى في (المبسوط) ص ١١٤، وجه آخر للبزي: وهو إسقاط الهمزة الأولى، كأبي عمرو.
وقال أجزل مثوبته في (مفرداته): وهذا الذي لا يجوز في التسهيل غيره- أي وجه الإدغام- وتعقب عليه بأن من العرب من يجري الواو الأصلية إذا سكنت قبل الهمزة مجرى الزائدة، وإنما هي عين الكلمة، فأجروها مجرى الواو في (قروء) [٢٢٨]. انظر: (الدر النثير) ٤/ ٢٤٨، و (النشر) ١/ ٣٨٣.
(٤) يبين المؤلف هنا وكذا في كتابه (التيسير) ص ٣٦، أن لورش عن نافع ولقنبل وغيره عن ابن كثير تحقيق الأولى وتسهيل الثانية على أصلهم، ولم يذكر غيره، وذكره أيضا ابن بليمة في (تلخيصه) ص ٢٩، وأشار إلى تكون مدتين في قراءتهما، مدة قبل الهمزة، ومدة بعدها، إلا أن الأولى أطول، وروى لهما الشاطبي وجها آخر، وهو جعل الثانية ياء محضة مع المد المشبع، وهذه عنده من زيادات القصيد، ويسمى هذا الوجه وجه البدل، والأول يسمى وجه التسهيل أو القياس.

<<  <  ج: ص:  >  >>