للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان [أبو عمرو يجزم الهمزة] من بارئكم. وكان يفعل ذلك فيما كانت فيه الراء مثل [ينصركم ويأمركم] ويزعم أن من العرب من يجتزئ بإحدى الحركتين من الأخرى «١» [وتابع أبا خلّاد] على حكايته هذه سائر أصحاب اليزيدي من آله وغيرهم. [وقال العباس] «٢» عن إبراهيم «٣» عن أبيه عن أبي عمرو بارئكم [٥٤] يجزم الهمزة، ويكتفي [بكسر الراء. وقال] ابن جبير عن اليزيدي عنه: يأمركم بجزم الراء وقال: من شأن [العرب إذا كثرت] الحركات أن تجزم «٤»، وقال أبو عبيد في المعاني عن اليزيدي: أن أبا عمرو كان يجزم الراء من يأمركم [٩٧] لكثرة الحركات ويكتفي بضمّة الميم ويجزم الياء من بارئكم يريد الهمزة «٥»، وهذا تصريح من أبي عمرو بالسكون الخالص؛ لأن الاجتراء بإحدى الحركتين لا يكون إلا بإذهاب الأخرى رأسا، وإخلاص سكون الحرف المتحرّك بها دون تضعيف الصوت بها وتوهينها واختلاسها؛ لأن ما حاله ذلك من المتحرّكات كالمتحرّك سواء بإجماع من علماء العربية، وإذا كان كذلك بطل الاجتراء والاكتفاء وسقط قول أبي عمرو، وثبتت مخالفته والعدول عن [مذهبه] واختياره بقياس [مستنبط] ورأي مخترع أثري ولا خبر محكي، وأئمة القراءة لا تعمل في شيء من حروف القرآن على [الأفشى] في اللغة، والأقيس في العربية، بل على الأثبت في الأثر، والأصحّ في النقل، والرواية إذا ثبتت لا يردّها قياس عربية ولا فشوّ لغة؛ لأن القراءة سنّة متّبعة يلزم قبولها والمصير إليها.

وقالت الجماعة عن اليزيدي: إن أبا عمرو كان يشمّ الهاء من يهدي [يونس: ٣٥]


(١) انظر: الكشف عن وجوه القراءات السبع ١/ ٢٤١ فقد ذكر أن علة من أسكن أنه شبه حركة الإعراب بحركة البناء، فأسكن حركة الإعراب استخفافا، لتوالي الحركات. وانظر الحجة للقراء السبعة ٢/ ٧٦.
(٢) العباس بن محمد بن يحيى اليزيدي العدوي، أبو الفضل البغدادي، روى القراءة عن عميه أبي عبد الرحمن عبد الله وأي إسحاق إبراهيم، روى عنه وجادة ابنه محمد. غاية ١/ ٣٥٤.
(٣) إبراهيم بن يحيى اليزيدي، أبو إسحاق البغدادي، ضابط شهير، نحوي لغوي، قرأ على أبيه، روى القراءة عنه ابنا أخيه، العباس بن محمد وعبيد الله بن محمد، ولإبراهيم مؤلفات كثيرة، منها كتاب (ما اتفق لفظه واختلف معناه). غاية ١/ ٢٩.
(٤) قال أبو البقاء العكبري: (يأمركم) قرئ بإسكانها، لأن الكاف متحركة، وقبل الراء حركة، فسكنوا الأوسط تشبيها له ب (عضد)، وأجروا المنفصل مجرى المتصل، أهـ. التبيان في إعراب القرآن ١/ ٧٣.
(٥) لم أقف على هذا الكتاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>