وأخرجه مسلم (١٠٥١) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (٦٤٤٦)، والترمذي (٢٥٣٠) من طريق أبي صالح السمان، عن أبي هريرة. وهو في "مسند أحمد" (٧٣١٦)، و"شرح مشكل الآثار" (٦٠٥٢)، و "صحيح ابن حبان" (٦٧٩). قال ابن بطال: معنى الحديث: ليس حقيقةُ الغنى كثرةَ المال، لأن كثيرًا ممن وسع الله عليه في المال لا يقنع بما أوتي، فهو يجتهد في الازدياد، ولا يُبالي مِن أين يأتيه، فكأنه فقير لشدة حرصه، وإنما حقيقة الغنى غنى النفس، وهو مَن استغنى بما أوتي وقنع به ورضي، ولم يحرص على الازدياد، ولا ألح في الطلب، فكأنه غني. وقال القرطبي المحدِّث: معنى الحديث أن الغنى النافع أو العظيم أو الممدوح هو غنى النفس، وبيانه: أنه إذا استغنت نفسُه كفِّت عن المطامع، فعزَت وعَظُمَت، وحصل لها من الحظوة والنزاهة والشرف والمدح أكثر من الغنى الذي يناله مَن يكون فقيرَ النفس لحرصه، فإنه يورطه في رذائل الأمور وخسائس الأفعال لدناءة همته وبخله. قلنا: وفي "صحيح مسلم" (٢٧٢١) من حديث عبد الله بن مسعود قال: كان من دعاء النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعِفة والغنى"، وروى أحمد (١٥٢٩)، ومسلم (٢٩٦٥) من حديث سعد بن أبي وقاص رفعه: "إن الله يحب العبد المتقي النقي الغني الحنفي ". قال شارح "المشكاة" ٥/ ٧٧: قال النوري رحمه الله: المراد بالغنى غنى النفس، وهذا هو الغنى المحبوب، لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "الغنى غنى النفس" وأشار القاضي عياض رحمه الله إلى أن المراد به غنى المال. قال القاري: وهذا هو المناسب لعنوان الباب (يعني عنوان صاحب المشكاة: باب استحباب المال والعمر للطاعة) وهو لا ينافي غنى النفس، فإنه ١، صل في الغنى والفرد الأكمل في =