للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْفِعْلِ، وَهَذَا لَا يَقُولُهُ أَحَدٌ فِيمَا أَعْلَمُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَرَوَى الْأَئِمَّةُ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي وَأُمَامَةُ بِنْتُ أَبِي الْعَاصِ ابْنَةُ زَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عَاتِقِهِ، فَإِذَا رَكَعَ وَضَعَهَا، وَإِذَا رَفَعَ مِنَ السُّجُودِ أَعَادَهَا. وَهَذَا يَرُدُّ مَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ فِي أحد قوليه: لو لمس صغيرة لا لَانْتَقَضَ طُهْرُهُ تَمَسُّكًا بِلَفْظِ النِّسَاءِ، وَهَذَا ضَعِيفٌ، فَإِنَّ لَمْسَ الصَّغِيرَةِ كَلَمْسِ الْحَائِطِ. وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ لِأَجْلٍ أَنَّهُ لَا يَعْتَبِرُ اللَّذَّةَ، وَنَحْنُ اعْتَبَرْنَا اللَّذَّةَ فَحَيْثُ وُجِدَتْ وُجِدَ الْحُكْمُ، وَهُوَ وُجُوبُ الْوُضُوءِ. وَأَمَّا قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ في اعتباره اليد خاصة، فلان اللَّمْسَ أَكْثَرُ مَا يُسْتَعْمَلُ بِالْيَدِ، فَقَصَرَهُ عَلَيْهِ دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الْأَعْضَاءِ، حَتَّى إِنَّهُ لَوْ أَدْخَلَ الرَّجُلُ رِجْلَيْهِ فِي ثِيَابِ امْرَأَتِهِ فَمَسَّ فرجها أو بطنها لا ينتقض بذلك وُضُوءُهُ. وَقَالَ فِي الرَّجُلِ يُقَبِّلُ امْرَأَتَهُ: إِنْ جَاءَ يَسْأَلُنِي قُلْتُ يَتَوَضَّأُ، وَإِنْ لَمْ يَتَوَضَّأْ لَمْ أَعِبْهُ. وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: لَا وُضُوءَ عَلَى مَنْ قَبَّلَ امْرَأَتَهُ أَوْ بَاشَرَهَا أَوْ لَمَسَهَا. وَهَذَا يُخَرَّجُ عَلَى مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. السَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً) الْأَسْبَابُ الَّتِي لَا يَجِدُ الْمُسَافِرُ مَعَهَا الْمَاءَ هِيَ إِمَّا عَدَمُهُ جُمْلَةً أَوْ عَدَمُ بَعْضِهِ، وَإِمَّا أَنْ يَخَافَ فَوَاتَ الرَّفِيقِ، أَوْ عَلَى «١» الرَّحْلِ بِسَبَبِ طَلَبِهِ، أَوْ يَخَافُ لُصُوصًا أَوْ سِبَاعًا، أَوْ فَوَاتَ الْوَقْتِ، أَوْ عَطَشًا عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عَلَى غَيْرِهِ، وَكَذَلِكَ لِطَبِيخٍ يَطْبُخُهُ لِمَصْلَحَةِ بَدَنِهِ، فَإِذَا كَانَ أَحَدُ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ تَيَمَّمَ وَصَلَّى. وَيَتَرَتَّبُ عَدَمُهُ لِلْمَرِيضِ بِأَلَّا يَجِدَ مَنْ يُنَاوِلُهُ، أَوْ يَخَافَ مِنْ ضَرَرِهِ. وَيَتَرَتَّبُ أَيْضًا عَدَمُهُ لِلصَّحِيحِ الْحَاضِرِ بِالْغَلَاءِ الَّذِي يَعُمُّ جَمِيعَ الْأَصْنَافِ، أَوْ بِأَنْ يُسْجَنَ أَوْ يُرْبَطَ. وَقَالَ الْحَسَنُ: يَشْتَرِي الرَّجُلُ الْمَاءَ بِمَالِهِ كُلِّهِ وَيَبْقَى عَدِيمًا، وَهَذَا ضَعِيفٌ، لِأَنَّ دِينَ اللَّهِ يُسْرٌ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَشْتَرِيهِ مَا لَمْ يَزِدْ عَلَى الْقِيمَةِ الثُّلُثَ فَصَاعِدًا. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَشْتَرِي قِيمَةَ الدِّرْهَمِ بِالدِّرْهَمَيْنِ وَالثَّلَاثِ وَنَحْوَ هَذَا، وَهَذَا كُلُّهُ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ. وَقِيلَ لِأَشْهَبَ: أَتُشْتَرَى الْقِرْبَةُ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ؟ فَقَالَ: مَا أَرَى ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ. وَقَالَ الشافعي بعدم الزيادة.


(١). في ج: أو الرحل.