[سورة الزخرف (٤٣) : الآيات ٦ الى ٨]
وَكَمْ أَرْسَلْنا مِنْ نَبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ (٦) وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ إِلاَّ كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٧) فَأَهْلَكْنا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشاً وَمَضى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ (٨)
وَكَمْ أَرْسَلْنا مِنْ نَبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ تسلية لرسول الله صلّى الله عليه وسلم عن استهزاء قومه.
فَأَهْلَكْنا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشاً أي من القوم المسرفين لأنه صرف الخطاب عنهم إلى الرسول مخبراً عنهم.
وَمَضى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ وسلف في القرآن قصتهم العجيبة، وفيه وعد للرسول ووعيد لهم بمثل ما جرى على الأولين.
[سورة الزخرف (٤٣) : الآيات ٩ الى ١١]
وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ (٩) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً وَجَعَلَ لَكُمْ فِيها سُبُلاً لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (١٠) وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنْشَرْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذلِكَ تُخْرَجُونَ (١١)
وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ لعله لازم مقولهم أو ما دل عليه إجمالاً أقيم مقامه تقريراً لإِلزام الحجة عليهم، فكأنهم قالوا «الله» كما حكي عنهم في مواضع أخر وهو الذي من صفته ما سرد من الصفات، ويجوز أن يكون مقولهم وما بعده استئناف.
الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً فتستقرون فيها وقرأ غير الكوفيون «مهاداً» بالإلف.
وَجَعَلَ لَكُمْ فِيها سُبُلًا تسلكونها. لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ لكي تهتدوا إلى مقاصدكم، أو إلى حكمة الصانع بالنظر في ذلك.
وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ مَاءً بِقَدَرٍ بمقدار ينفع ولا يضر. فَأَنْشَرْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً مال عنه النماء.
وتذكيره لأن البلدة بمعنى البلد والمكان. كَذلِكَ مثل ذلك الإِنشار. تُخْرَجُونَ تنشرون من قبوركم، وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي تُخْرَجُونَ بفتح التاء وضم الراء.
[سورة الزخرف (٤٣) : الآيات ١٢ الى ١٤]
وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعامِ ما تَرْكَبُونَ (١٢) لِتَسْتَوُوا عَلى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ (١٣) وَإِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ (١٤)
وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها أصناف المخلوقات. وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعامِ مَا تَرْكَبُونَ ما تركبونه على تغليب المتعدي بنفسه على المتعدي بغيره إذ يقال: ركبت الدابة وركبت في السفينة، أو المخلوق للركوب على المصنوع له أو الغالب على النادر ولذلك قال:
لِتَسْتَوُوا عَلى ظُهُورِهِ أي ظهور ما تركبون وجمعه للمعنى. ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ تذكروها بقلوبكم معترفين بها حامدين عليها. وَتَقُولُوا سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ مطيقين من أقرن الشيء إذا أطاقه، وأصله وجد قرينته إذ الصعب لا يكون قرينة الضعيف. وقرئ بالتشديد والمعنى واحد.
وعنه عليه الصلاة والسلام أنه كان إذا وضع رجله في الركاب قال: بسم الله، فإذا استوى على الدابة قال: الحمد لله على كل حال.
سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا إلى قوله:
وَإِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ أي راجعون، واتصاله بذلك لأن الركوب للتنقل والنقلة العظمى هو الانقلاب إلى الله تعالى، أو لأنه مخطر فينبغي للراكب أن لا يغفل عنه ويستعد للقاء الله تعالى.