للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكفرة من التفادي عن الغدر والتعفف عما يجر إلى أحدوثة السوء.

[سورة التوبة (٩) : الآيات ٩ الى ١٠]

اشْتَرَوْا بِآياتِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ ساءَ مَا كانُوا يَعْمَلُونَ (٩) لاَ يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلا ذِمَّةً وَأُولئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ (١٠)

اشْتَرَوْا بِآياتِ اللَّهِ استبدلوا بالقرآن. ثَمَناً قَلِيلًا عرضاً يسيراً وهو اتباع الأهواء والشهوات. فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ دينه الموصل إليه، أو سبيل بيته بحصر الحجاج والعمار، والفاء للدلالة على أن اشتراءهم أداهم إلى الصد. إِنَّهُمْ ساءَ مَا كانُوا يَعْمَلُونَ عملهم هذا أو ما دل عليه قوله: لاَ يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلا ذِمَّةً فهو تفسير لا تكرير. وقيل الأول عام في الناقضين وهذا خاص بالذين اشتروا وهم اليهود، أو الأعراب الذين جمعهم أبو سفيان وأطعمهم. وَأُولئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ في الشرارة.

[سورة التوبة (٩) : الآيات ١١ الى ١٢]

فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (١١) وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ (١٢)

فَإِنْ تابُوا عن الكفر. وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ فهم إخوانكم في الدين لهم ما لكم وعليهم ما عليكم. وَنُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ اعتراض للحث على تأمل ما فصل من أحكام المعاهدين أو خصال التائبين.

وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وإن نكثوا ما بايعوا عليه من الإِيمان أو الوفاء بالعهود. وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ بصريح التكذيب وتقبيح الأحكام. فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ أي فقاتلوهم، فوضع أئمة الكفر موضع الضمير للدلالة على أنهم صاروا بذلك ذوي الرئاسة والتقدم في الكفر أحقاء بالقتل. وقيل المراد بالأئمة رؤساء المشركين فالتخصيص إما لأن قتلهم أهم وهم أحق به أو للمنع من مراقبتهم. وقرأ عاصم وابن عامر وحمزة والكسائي وروح عن يعقوب أئمة بتحقيق الهمزتين على الأصل والتصريح بالياء لحن. إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ أي لا أيمان لهم على الحقيقة وإلا لما طعنوا ولم ينكثوا، وفيه دليل على أن الذمي إذا طعن في الإِسلام فقد نكث عهده، واستشهد به الحنفية على أن يمين الكافر ليست يميناً وهو ضعيف لأن المراد نفي الوثوق عليها لا أنها ليست بأيمان لقوله تعالى وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ وقرأ ابن عامر لا أيمان لهم بمعنى لا أمان أو لا إسلام، وتشبث به من لم يقبل توبة المرتد وهو ضعيف لجواز أن يكون بمعنى لا يؤمنون على الإِخبار عن قوم معينين أو ليس لهم إيمان فيراقبوا لأجله. لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ متعلق ب «بقاتلوا» أي ليكن غرضكم في المقاتلة أن ينتهوا عما هم عليه لا إيصال الأذية بهم كما هو طريقة المؤذين.

[[سورة التوبة (٩) : آية ١٣]]

أَلا تُقاتِلُونَ قَوْماً نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْراجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَؤُكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١٣)

أَلا تُقاتِلُونَ قَوْماً تحريض على القتال لأن الهمزة دخلت على النفي للإنكار فأفادت المبالغة في الفعل. نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ التي حلفوها مع الرسول عليه السلام والمؤمنين على أن لا يعاونوا عليهم فعاونوا بني بكر على خزاعة. وَهَمُّوا بِإِخْراجِ الرَّسُولِ حين تشاوروا في أمره بدار الندوة على ما مر ذكره في قوله:

وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا. وقيل هم اليهود نكثوا عهد الرسول وهموا بإخراجه من المدينة. وَهُمْ بَدَؤُكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بالمعاداة والمقاتلة لأنه عليه الصلاة والسلام بدأهم بالدعوة وإلزام الحجة بالكتاب والتحدي

<<  <  ج: ص:  >  >>