قالوا. قيل لما عيروا أصحاب النار أقسموا أن أصحاب الأعراف لا يدخلون الجنة فقال الله سبحانه وتعالى أو بعض الملائكة هؤلاء الذين أقسمتم. وقرئ «أَدْخِلُواْ» و «دخلوا» على الاستئناف وتقديره دخلوا الجنة مقولاً لهم لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمْ.
[سورة الأعراف (٧) : الآيات ٥٠ الى ٥١]
وَنادى أَصْحابُ النَّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُما عَلَى الْكافِرِينَ (٥٠) الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا وَما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ (٥١)
وَنادى أَصْحابُ النَّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أي صبوه، وهو دليل على أن الجنة فوق النار. أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ من سائر الأشربة ليلائم الإِفاضة، أو من الطعام كقوله: علفتها تبنا وماء بارداً. قالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُما عَلَى الْكافِرِينَ منعهما عنهم منع المحرم من المكلف.
الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً كتحريم البحيرة والتصدية والمكاء حول البيت واللهو صرف الهم بما لا يحسن أن يصرف به، واللعب طلب الفرح بما لا يحسن أن يطلب به. وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ نفعل بهم فعل الناسين فنتركهم في النار. كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا فلم يخطروه ببالهم ولم يستعدوا له. وَما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ وكما كانوا منكرين أنها من عند الله.
[سورة الأعراف (٧) : الآيات ٥٢ الى ٥٣]
وَلَقَدْ جِئْناهُمْ بِكِتابٍ فَصَّلْناهُ عَلى عِلْمٍ هُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٥٢) هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كانُوا يَفْتَرُونَ (٥٣)
وَلَقَدْ جِئْناهُمْ بِكِتابٍ فَصَّلْناهُ بينا معانيه من العقائد والأحكام والمواعظ مفصلة. عَلى عِلْمٍ عالمين بوجه تفصيله حتى جاء حكيماً، وفِيه دليل على أنه سبحانه وتعالى عالم بعلم، أو مشتملاً على علم فيكون حالا من المفعول. وقرئ «فضلناه» أي على سائر الكتب عالمين بأنه حقيق بذلك. هُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ حال من الهاء.
هَلْ يَنْظُرُونَ ينتظرون. إِلَّا تَأْوِيلَهُ إلا ما يؤول إليه أمره من تبين صدقه بظهور ما نطق به من الوعد والوعيد. يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ تركوه ترك الناسي. قَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ أي قد تبين أنهم جاءوا بالحق. فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا اليوم. أَوْ نُرَدُّ أو هل نرد إلى الدنيا. وقرئ بالنصب عطفاً على فَيَشْفَعُوا، أو لأن أَوْ بمعنى إلى أن، فعلى الأول المسؤول أحد الأمرين الشفاعة أو ردهم إلى الدنيا، وعلى الثاني أن يكون لهم شفعاء إما لأحد الأمرين أو لأمر واحد وهو الرد. فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ جوابِ الاستفهام الثاني وقرئ بالرفع أي فنحن نعمل. قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بصرف أعمارهم في الكفر. وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كانُوا يَفْتَرُونَ بطل عنهم فلم ينفعهم.
[[سورة الأعراف (٧) : آية ٥٤]]
إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ (٥٤)
إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ أي في ستة أوقات كقوله: وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ أو في مقدار ستة أيام، فإن المتعارف باليوم زمان طلوع الشمس إلى غروبها ولم يكن حينئذ، وفي خلق