للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالخروج من مصر، وإضافتها إليهم لأنها كانت في أيديهم أو ملكوها بعد هلاكهم. وهو جمع حلي كثدي وثدي. وقرأ حمزة والكسائي بالكسر بالاتباع كدلي ويعقوب على الإِفراد. عِجْلًا جَسَداً بدنا ذا لحم ودم، أو جسداً من الذهب خالياً من الروح ونصبه على البدل. لَهُ خُوارٌ صوت البقر.

روي أن السامري لما صاغ العجل ألقى في فمه من تراب أثر فرس جبريل فصار حياً.

وقيل صاغه بنوع من الحيل فتدخل الريح جوفه وتصوت، وإنما نسب الاتخاذ إليهم وهو فعله إما لأنهم رضوا به أو لأن المراد اتخاذهم إياه إلهاً. وقرئ «جوار» أي صياح. أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لاَ يُكَلِّمُهُمْ وَلا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا تقريع على فرط ضلالتهم وإخلالهم بالنظر، والمعنى ألم يروا حين اتخذوه إلهاً أنه لا يقدر على كلام ولا على إرشاد سبيل كآحاد البشر حتى حسبوا أنه خالق الأجسام والقوى والقدر. اتَّخَذُوهُ تكرير للذم أي اتخذوه إلهاً. وَكانُوا ظالِمِينَ واضعين الأشياء في غير مواضعها فلم يكن اتخاذ العجل بدعاً منهم.

وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ كناية عن اشتداد ندمهم فإن النادم المتحسر يعض يده غماً فتصير يده مسقوطاً فيها. وقرئ «سُقِطَ» على بناء الفعل للفاعل بمعنى وقع العض فيها. وقيل معناه سقط الندم في أنفسهم.

وَرَأَوْا وعلموا. أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا باتخاذ العجل. قالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنا رَبُّنا بإنزال التوراة. وَيَغْفِرْ لَنا بالتجاوز عن الخطيئة. لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ وقرأهما حمزة والكسائي بالتاء ورَبُّنا على النداء.

[سورة الأعراف (٧) : الآيات ١٥٠ الى ١٥١]

وَلَمَّا رَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً قالَ بِئْسَما خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الْأَلْواحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْداءَ وَلا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (١٥٠) قالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (١٥١)

وَلَمَّا رَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً شديد الغضب وقيل حزيناً. قالَ بِئْسَما خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي فعلتم بعدي حيث عبدتم العجل، والخطاب للعبدة أو أقمتم مقامي فلم تكفوا العبدة والخطاب لهارون والمؤمنين معه، وما نكرة موصوفة تفسر المستكن في بئس والمخصوص بالذم محذوف تقديره بئس خلافة خلفتمونيها من بعدي خلافتكم، ومعنى من بعدي من بعد انطلاقي، أو من بعد ما رأيتم مني من التوحيد والتنزيه والحمل عليه والكف عما ينافيه. أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ أتركتموه غير تام، كأنه ضمن عجل معنى سبق فعدى تعديته، أو أعجلتم وعد ربكم الذي وعدنيه من الأربعين وقدرتم موتي وغيرتم بعدي كما غيرت الأمم بعد أنبيائهم. وَأَلْقَى الْأَلْواحَ طرحها من شدة الغضب وفرط الضجر حمية للدين.

روي: أن التوراة كانت سبعة أسباع في سبعة ألواح فلما ألقاها انكسرت فرفع ستة أسباعها وكان فيها تفصيل كل شيء وبقي سبع كان فيه المواعظ والأحكام.

وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ بشعر رأسه. يَجُرُّهُ إِلَيْهِ توهماً بأنه قصر في كفهم، وهارون كان أكبر منه بثلاث سنين وكان حمولاً ليناً ولذلك كان أحب إلى بني إسرائيل. قالَ ابْنَ أُمَّ ذكر الأم ليرققه عليه وكانا من أب وأم. وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي وأبو بكر عن عاصم هنا وفي «طه» «يا ابن أم» بالكسر وأصله يا ابن أمي فحذفت الياء اكتفاء بالكسرة تخفيفاً كالمنادى المضاف إلى الياء، والباقون بالفتح زيادة في التخفيف لطوله أو تشبيهاً بخمسة عشر. إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي إزاحة لتوهم التقصير في حقه، والمعنى بذلت وسعي في كفهم حتى قهروني واستضعفوني وقاربوا قتلي. فَلا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْداءَ فلا تفعل بي ما يشمتون بي لأجله. وَلا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ معدوداً في عدادهم بالمؤاخذة أو نسبة التقصير.

قالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي بما صنعت بأخي. وَلِأَخِي إن فرط في كفهم ضمه إلى نفسه في الاستغفار

<<  <  ج: ص:  >  >>