للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحق. شَيْئاً من الإِغناء ويجوز أن يكون مفعولاً به ومِنَ الْحَقِّ حالاً منه، وفيه دليل على أن تحصيل العلم في الأصول واجب والاكتفاء بالتقليد والظن غير جائز. إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِما يَفْعَلُونَ وعيد على اتباعهم للظن وإعراضهم عن البرهان.

[سورة يونس (١٠) : الآيات ٣٧ الى ٣٨]

وَما كانَ هذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (٣٧) أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٣٨)

وَما كانَ هذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرى مِنْ دُونِ اللَّهِ افتراء من الخلق. وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ مطابقاً لما تقدمه من الكتب الإلهية المشهود على صدقها ولا يكون كذباً كيف وهو لكونه معجزاً دونها عيَّارٌ عليها شاهد على صحتها، ونصبه بأنه خبر لكان مقدراً أو علة لفعل محذوف تقديره: ولكن أنزله الله تصديق الذي.

وقرئ بالرفع على تقدير ولكن هو تصديق. وَتَفْصِيلَ الْكِتابِ وتفصيل ما حقق وأثبت من العقائد والشرائع. لاَ رَيْبَ فِيهِ منتفياً عنه الريب وهو خبر ثالث داخل في حكم الاستدراك، ويجوز أن يكون حالاً من الكتاب فإنه مفعول في المعنى وأن يكون استئنافاً. مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ خبر آخر تقديره كائناً من رب العالمين أو متعلق بتصديق أو تفصيل، ولا رَيْبَ فِيهِ اعتراض أو بالفعل المعلل بهما ويجوز أن يكون حالاً من الكتاب أو من الضمير في فِيهِ، ومساق الآية بعد المنع عن اتباع الظن لبيان ما يجب اتباعه والبرهان عليه.

أَمْ يَقُولُونَ بل أيقولون. افْتَراهُ محمد صلّى الله عليه وسلّم ومعنى الهمزة فيه للإنكار. قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ في البلاغة وحسن النظم وقوة المعنى على وجه الافتراء فإنكم مثلي في العربية والفصاحة وأشد تمرناً في النظم والعبارة. وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ ومع ذلك فاستعينوا بمن أمكنكم أن تستعينوا به. مِنْ دُونِ اللَّهِ سوى الله تعالى فإنه وحده قادر على ذلك. إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ أنه اختلقه.

[[سورة يونس (١٠) : آية ٣٩]]

بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الظَّالِمِينَ (٣٩)

بَلْ كَذَّبُوا بل سارعوا إلى التكذيب. بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ بالقرآن أول ما سمعوه قبل أن يتدبروا آياته ويحيطوا بالعلم بشأنه، أو بما جهلوه ولم يحيطوا به علماً من ذكر البعث والجزاء وسائر ما يخالف دينهم. وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ ولم يقفوا بعد على تأويله ولم تبلغ أذهانهم معانيه، أو ولم يأتهم بعد تأويل ما فيه من الإِخبار بالغيوب حتى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ صدق أم كذب، والمعنى أن القرآن معجز من جهة اللفظ والمعنى ثم إنهم فاجؤوا تكذيبه قبل أن يتدبروا نظمه ويتفحصوا معناه ومعنى التوقع في لما أنه قد ظهر لهم بالآخرة إعجازه لما كرر عليهم التحدي فزادوا قواهم في معارضته فتضاءلت دونها، أو لما شاهدوا وقوع ما أخبر به طبقاً لأخباره مراراً فلم يقلعوا عن التكذيب تمرداً وعناداً. كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أنبياءهم. فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الظَّالِمِينَ فيه وعيد لهم بمثل ما عوقب به من قبلهم.

[سورة يونس (١٠) : الآيات ٤٠ الى ٤١]

وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لاَّ يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ (٤٠) وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ (٤١)

وَمِنْهُمْ ومن المكذبين. مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ من يصدق به في نفسه ويعلم أنه حق ولكن يعاند، أو من

<<  <  ج: ص:  >  >>