للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْباطِلِ بالتحريف وإبراز الباطل في صورته، أو بالتقصير في التمييز بينهما. وقرئ «تلبّسون» بالتشديد و «تلبسون» بفتح الباء أي تلبسون الحق مع الباطل

كقوله عليه السلام «كلابس ثوبي زور»

وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ نبوة محمد عليه السلام ونعته. وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ عالمين بما تكتمونه.

[[سورة آل عمران (٣) : آية ٧٢]]

وَقالَتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٧٢)

وَقالَتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهارِ أي أظهروا الإِيمان بالقرآن أول النهار. وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ واكفروا به آخره لعلهم يشكون في دينهم ظناً بأنكم رجعتم لخلل ظهر لكم، والمراد بالطائفة كعب بن الأشرف ومالك بن الصيف قالا لأصحابهما لما حولت القبلة: آمنوا بما أنزل عليهم من الصلاة إلى الكعبة وصلوا إليها أول النهار ثم وصلوا إلى الصخرة آخره لعلهم يقولون هم أعلم منا وقد رجعوا فيرجعون. وقيل اثنا عشر من أحبار خيبر تقاولوا بأن يدخلوا في الإِسلام أول النهار ويقولوا آخره نظرنا في كتابنا وشاورنا علماءنا فلم نجد محمداً عليه الصلاة والسلام بالنعت الذي ورد في التوراة لعل أصحابه يشكون فيه.

[سورة آل عمران (٣) : الآيات ٧٣ الى ٧٤]

وَلا تُؤْمِنُوا إِلاَّ لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ الْهُدى هُدَى اللَّهِ أَنْ يُؤْتى أَحَدٌ مِثْلَ ما أُوتِيتُمْ أَوْ يُحاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ (٧٣) يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (٧٤)

وَلا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ ولا تقروا عن تصديق قلب إلا لأهل دينكم، أو لا تظهروا إيمانكم وجه النهار لمن كان على دينكم فإن رجوعهم أرجي وأهم. قُلْ إِنَّ الْهُدى هُدَى اللَّهِ هو يهدي من يشاء إلى الإِيمان ويثبته عليه. أَنْ يُؤْتى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ متعلق بمحذوف أي دَبَّرْتُمْ ذلك وقلتم لأن يؤتى أحد، والمعنى أن الحسد حملكم على ذلك أو بلا تؤمنوا أي ولا تظهروا إيمانكم بأن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم إلا لأشياعكم، ولا تفشوه إلى المسلمين لئلا يزيد ثباتهم ولا إلى المشركين لئلا يدعوهم إلى الإسلام وقوله:

قُلْ إِنَّ الْهُدى هُدَى اللَّهِ اعتراض يدل على أن كيدهم لا يجدي بطائل، أو خبر إن على أن هدى الله بدل من الهدى. وقراءة ابن كثير أَنْ يُؤْتى على الاستفهام للتقريع، تؤيد الوجه الأول أي إلا أن يؤتى أحد دبرتم. وقرئ «إِن» على أنها نافية فيكون من كلام الطائفة أي ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم وقولوا لهم ما يؤتى أحد مثل ما أوتيتم. أَوْ يُحاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ عطف على أَنْ يُؤْتى على الوجهين الأولين وعلى الثالث معناه: حتى يحاجوكم عند ربكم فيدحضوا حجتكم عند ربكم، والواو ضمير أحد لأنه في معنى الجمع إذ المراد به غير أتباعهم. قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ.

يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ رد وإبطال لما زعموه بالحجة الواضحة.

[[سورة آل عمران (٣) : آية ٧٥]]

وَمِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينارٍ لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قائِماً ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لَيْسَ عَلَيْنا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (٧٥)

وَمِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ كعبد الله بن سلام استودعه قرشي ألفاً ومائتي أوقية ذهباً فأداه إليه وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينارٍ لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ كفنحاص بن عازوراء استودعه قرشي آخر ديناراً

<<  <  ج: ص:  >  >>