أُذِنَ رخص، وقرأ ابن كثير وابن عامر وحمزة والكسائي على البناء للفاعل وهو الله. لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ المشركين والمأذون فيه محذوف لدلالته عليه، وقرأ نافع وابن عامر وحفص بفتح التاء أي للذين يقاتلهم المشركون. بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا بسبب أنهم ظلموا وهم أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان المشركون يؤذونهم وكانوا يأتونه من بين مضروب ومشجوج يتظلمون إليه فيقول لهم: اصبروا فإني لم أومر بالقتال حتى هاجر فأنزلت. وهي أول آية نزلت في القتال بعد ما نهي عنه في نيف وسبعين آية. وَإِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ وعد لهم بالنصر كما وعد بدفع أذى الكفار عنهم.
[[سورة الحج (٢٢) : آية ٤٠]]
الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَواتٌ وَمَساجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (٤٠)
الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ يعني مكة. بِغَيْرِ حَقٍّ بغير موجب استحقوه به. إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ على طريقة قول النابغة:
وَلاَ عَيْبَ فِيهِمْ غَيْرَ أَنَّ سُيُوفَهُم ... بِهِنَّ فُلُولٌ من قراع الكتائب
وقيل منقطع. وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ بتسليط المؤمنين منهم على الكافرين. لَهُدِّمَتْ لخربت باستيلاء المشركين على أهل الملل، وقرأ نافع دفاع وقرأ نافع وابن كثير لَهُدِّمَتْ بالتخفيف.
صَوامِعُ صوامع الرهبانية. وَبِيَعٌ بيع النصارى. وَصَلَواتٌ كنائس اليهود، سميت بها لأنها يصلى فيها، وقيل أصلها صلوتا بالعبرانية فعربت. وَمَساجِدُ مساجد المسلمين. يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً صفة للأربع أو لمساجد خصت بها تفضيلاً. وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ من ينصر دينه، وقد أنجز وعده بأن سلط المهاجرين والأنصار على صناديد العرب وأكاسرة العجم وقياصرتهم وأورثهم أرضهم وديارهم. إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ على نصرهم. عَزِيزٌ لا يمانعه شيء.
[[سورة الحج (٢٢) : آية ٤١]]
الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ (٤١)
الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وصف للذين أخرجوا وهو ثناء قبل بلاء، وفيه دليل على صحة أمر الخلفاء الراشدين إذ لم يستجمع ذلك غيرهم من المهاجرين. وقيل بدل ممن ينصره. وَلِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ فإن مرجعها إلى حكمه، وفيه تأكيد لما وعده.
[سورة الحج (٢٢) : الآيات ٤٢ الى ٤٤]
وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعادٌ وَثَمُودُ (٤٢) وَقَوْمُ إِبْراهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ (٤٣) وَأَصْحابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسى فَأَمْلَيْتُ لِلْكافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ (٤٤)
وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعادٌ وَثَمُودُ وَقَوْمُ إِبْراهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحابُ مَدْيَنَ تسلية له صلّى الله عليه وسلّم بأن قومه إن كذبوه فهو ليس بأوحدي في التكذيب، فإن هؤلاء قد كذبوا رسلهم قبل قومه.
وَكُذِّبَ مُوسى غير فيه النظم وبنى الفعل للمفعول لأن قومه بنو إسرائيل، ولم يكذبوه وإنما كذبه القبط ولأن تكذيبه كان أشنع وآياته كانت أعظم وأشيع. فَأَمْلَيْتُ لِلْكافِرِينَ فأمهلتهم حتى انصرمت آجالهم المقدرة. ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ أي إنكاري عليهم بتغيير النعمة محنة والحياة هلاكاً والعمارة خراباً.