[سورة ق (٥٠) : الآيات ٣٧ الى ٣٨]
إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (٣٧) وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ (٣٨)
إِنَّ فِي ذلِكَ فيما ذكر في هذه السورة. لَذِكْرى لتذكرة. لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أي قلب واع يتفكر في حقائقه. أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ أي أصغى لاستماعه. وَهُوَ شَهِيدٌ حاضر بذهنه ليفهم معانيه، أو شاهد بصدقه فيتعظ بظواهره وينزجر بزواجره، وفي تنكير ال قَلْبٌ وإبهامه تفخيم وإشعار بأن كل قلب لا يتفكر ولا يتدبر كلا قلب.
وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ مر تفسيره مراراً. وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ من تعب وإعياء، وهو رد لما زعمت اليهود من أنه تعالى بدأ خلق العالم يوم الأحد وفرغ منه يوم الجمعة واستراح يوم السبت واستلقى على العرش.
[سورة ق (٥٠) : الآيات ٣٩ الى ٤٠]
فَاصْبِرْ عَلى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ (٣٩) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبارَ السُّجُودِ (٤٠)
فَاصْبِرْ عَلى مَا يَقُولُونَ ما يقول المشركون من إنكارهم البعث، فإن من قدر على خلق العالم بلا اعياء قدر على بعثهم والانتقام منهم، أو ما يقول اليهود من الكفر والتشبيه. وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ ونزهه عن العجز عما يمكن والوصف بما يوجب التشبيه حامداً له على ما أنعم عليك من إصابة الحق وغيرها. قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ يعني الفجر والعصر وقد عرفت فضيلة الوقتين.
وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ أي وسبحه بعض الليل. وَأَدْبارَ السُّجُودِ وأعقاب الصلوات جمع دبر من أدبر، وقرأ الحجازيان وحمزة وخلف بالكسر من أدبرت الصلاة إذا انقضت. وقيل المراد بالتسبيح الصلاة، فالصلاة قبل الطلوع: الصبح وقبل الغروب: الظهر، والعصر. ومن الليل: العشاءان، والتهجد. وأدبار السجود النوافل بعد المكتوبات، وقيل الوتر بعد العشاء.
[سورة ق (٥٠) : الآيات ٤١ الى ٤٣]
وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ (٤١) يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ (٤٢) إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ (٤٣)
وَاسْتَمِعْ لما أخبرك به من أحوال القيامة، وفيه تهويل وتعظيم للمخبر به. يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ إسرافيل أو جبريل عليهما السلام فيقول: أيتها العظام البالية واللحوم المتمزقة والشعور المتفرقة إن الله يأمركن أن تجتمعن لفصل القضاء. مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ بحيث يصل نداؤه إلى الكل على سواء، ولعله في الإِعادة نظير «كن» في الإِبداء، ويوم نصب بما دل عليه يوم الخروج.
يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بدل منه والصَّيْحَةَ النفخة الثانية. بِالْحَقِّ متعلق ب الصَّيْحَةَ والمراد به البعث للجزاء. ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ من القبور، وهو من أسماء يوم القيامة وقد يقال للعيد.
إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ في الدنيا. وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ للجزاء في الآخرة.
[سورة ق (٥٠) : الآيات ٤٤ الى ٤٥]
يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِراعاً ذلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنا يَسِيرٌ (٤٤) نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ (٤٥)