للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سورة الفرقان (٢٥) : الآيات ٦٣ الى ٦٤]

وَعِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً (٦٣) وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِياماً (٦٤)

وَعِبادُ الرَّحْمنِ مبتدأ خبره أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ أو: الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ وإضافتهم إلى الرَّحْمنِ للتخصيص والتفضيل، أو لأنهم الراسخون في عبادته على أن عباد جمع عابد كتاجر وتجار.

هَوْناً هينين أو مشياً هيناً مصدر وصف به والمعنى أنهم يمشون بسكينة وتواضع وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً تسلماً منكم ومتاركة لكم لا خير بيننا ولا شر، أو سداداً من القول يسلمون فيه من الإِيذاء والإِثم، ولا ينافيه آية القتال لتنسخه فإن المراد به الإِغضاء عن السفهاء وترك مقابلتهم في الكلام.

وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِياماً في الصلاة، وتخصيص البيتوتة لأن العبادة بالليل أحمز وأبعد عن الرياء وتأخير القيام للروي وهو جمع قائم أو مصدر أجري مجراه.

[سورة الفرقان (٢٥) : الآيات ٦٥ الى ٦٦]

وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذابَها كانَ غَراماً (٦٥) إِنَّها ساءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً (٦٦)

وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذابَها كانَ غَراماً لازماً ومنه الغريم لملازمته، وهو إيذان بأنهم مع حسن مخالطتهم مع الخلق واجتهادهم في عبادة الحق وجلون من العذاب مبتهلون إلى الله تعالى في صرفه عنهم لعدم اعتدادهم بأعمالهم ووثوقهم على استمرار أحوالهم.

إِنَّها ساءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً أي بئست مستقراً، وفيها ضمير مبهم يفسره المميز والمخصوص بالذم ضمير محذوف به ترتبط الجملة باسم إن، أو أحزنت وفيها ضمير اسم أن ومستقراً حال أو تمييز والجملة تعليل للعلة الأولى أو تعليل ثان وكلاهما يحتملان الحكاية والإِبتداء من الله.

[[سورة الفرقان (٢٥) : آية ٦٧]]

وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً (٦٧)

وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا لم يجاوزوا حد الكرم. وَلَمْ يَقْتُرُوا ولم يضيقوا تضييق الشحيح.

وقيل الإِسراف هو الإِنفاق في المحارم والتقتير منع الواجب، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بفتح الياء وكسر التاء ونافع وابن عامر والكوفيون بضم الياء وكسر التاء من أقتر، وقرئ بالتشديد والكل واحد. وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً وسطاً عدلاً سمي به لاستقامة الطرفين كما سمي سواء لاستوائهما، وقرئ بالكسر وهو ما يقام به الحاجة لا يفضل عنها ولا ينقص وهو خبر ثان أو حال مؤكدة، ويجوز أن يكون الخبر بين ذلك لغواً، وقيل إنه اسم كانَ لكنه مبني لإِضافته إلى غير متمكن وهو ضعيف لأنه بمعنى القوام فيكون كالإِخبار بالشيء عن نفسه.

[سورة الفرقان (٢٥) : الآيات ٦٨ الى ٦٩]

وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً (٦٨) يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً (٦٩)

وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ أي حرمها بمعنى حرم قتلها. إِلَّا بِالْحَقِّ متعلق القتل المحذوف، أو بلا يقتلون وَلا يَزْنُونَ نفى عنهم أمهات المعاصي بعد ما أثبت لهم أصول الطاعات إظهاراً لكمال إيمانهم وإشعاراً بأن الأجر المذكور موعود للجامع بين ذلك، وتعريضاً للكفرة بأضداده ولذلك عقبه بالوعيد تهديداً لهم فقال: وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً جزاء إثم أو إثما بإضمار الجزاء، وقرئ «أياماً» أي شدائد يقال يوم ذو أيام أي صعب.

<<  <  ج: ص:  >  >>