وتطييباً لقلبه. وقيل وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ متصل ب أَوْحَيْنا أي آنسناه بالوحي وهم لا يشعرون ذلك.
[سورة يوسف (١٢) : الآيات ١٦ الى ١٧]
وَجاؤُ أَباهُمْ عِشاءً يَبْكُونَ (١٦) قالُوا يا أَبانا إِنَّا ذَهَبْنا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنا يُوسُفَ عِنْدَ مَتاعِنا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا وَلَوْ كُنَّا صادِقِينَ (١٧)
وَجاؤُ أَباهُمْ عِشاءً أي آخر النهار. وقرئ «عشياً» وهو تصغير عشي و «عشى» بالضم والقصر جمع أعشى أي عشوا من البكاء. يَبْكُونَ متباكين.
روي أنه لما سمع بكاءهم فزع وقال ما لكم يا بني وأين يوسف.
قالُوا يا أَبانا إِنَّا ذَهَبْنا نَسْتَبِقُ نتسابق في العدو أو في الرمي، وقد يشترك الافتعال والتفاعل كالانتضال والتناضل. وَتَرَكْنا يُوسُفَ عِنْدَ مَتاعِنا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا بمصدق لنا وَلَوْ كُنَّا صادِقِينَ لسوء ظنك بنا وفرط محبتك ليوسف.
[[سورة يوسف (١٢) : آية ١٨]]
وَجاؤُ عَلى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعانُ عَلى مَا تَصِفُونَ (١٨)
وَجاؤُ عَلى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ أي ذي كذب بمعنى مكذوب فيه، ويجوز أن يكون وصفاً بالمصدر للمبالغة وقرئ بالنصب على الحال من الواو أي جاءوا كاذبين و «كدب» بالدال غير المعجمة أي كدر أو طري. وقيل: أصله البياض الخارج على أظفار الأحداث فشبه به الدم اللاصق على القميص، وعلى قميصه في موضع النصب على الظرف أي فوق قميصه أو على الحال من الدم إن جوز تقديمها على المجرور.
روي: أنه لما سمع بخبر يوسف صاح وسأل عن قميصه فأخذه وألقاه على وجهه وبكى حتى خضب وجهه بدم القميص وقال: ما رأيت كاليوم ذئباً أحلم من هذا أكل ابني ولم يمزق عليه قميصه.
ولذلك قالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً أي سهلت لكم أنفسكم وهونت في أعينكم أمراً عظيماً من السول وهو الاسترخاء.
فَصَبْرٌ جَمِيلٌ أي فأمري صبر جميل، أو فصبر جميل أجمل،
وفي الحديث «الصبر الجميل الذي لا شكوى فيه إلى الخلق» .
وَاللَّهُ الْمُسْتَعانُ عَلى مَا تَصِفُونَ على احتمال ما تصفونه من إهلاك يوسف وهذه الجريمة كانت قبل استنبائهم إن صح.
[[سورة يوسف (١٢) : آية ١٩]]
وَجاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وارِدَهُمْ فَأَدْلى دَلْوَهُ قالَ يَا بُشْرى هذا غُلامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضاعَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِما يَعْمَلُونَ (١٩)
وَجاءَتْ سَيَّارَةٌ رفقة يسيرون من مدين إلى مصر فنزلوا قريباً من الجب وكان ذلك بعد ثلاث من إلقائه فيه. فَأَرْسَلُوا وارِدَهُمْ الذي يرد الماء ويستقي لهم وكان مالك بن ذعر الخزاعي. فَأَدْلى دَلْوَهُ فأرسلها في الجب ليملأها فتدلى بها يوسف فلما رآه. قالَ يَا بُشْرى هذا غُلامٌ نادى البشرى بشارة لنفسه أو لقومه كأنه قال تعالى فهذا أوانك. وقيل هو اسم لصاحب له ناداه ليعينه على إخراجه. وقرأ غير الكوفيين «يا بشراي» بالإِضافة، وأمال فتحة الراء حمزة والكسائي. وقرأ ورش بين اللفظين وقرئ «يَا بُشْرى» بالإِدغام وهو لغة و «بشراي» بالسكون على قصد الوقف. وَأَسَرُّوهُ أي الوارد وأصحابه من سائر الرفقة. وقيل أخفوا أمره وقالوا لهم دفعه إلينا أهل الماء لنبيعه لهم بمصر. وقيل الضمير لإخوة يوسف وذلك أن يهوذا كان يأتيه كل يوم بالطعام فأتاه يومئذ فلم يجده فيها فأخبره إخوته فأتوا الرفقة وقالوا: هذا غلامنا أبق منا فاشتروه، فسكت يوسف مخافة أن يقتلوه. بِضاعَةً نصب على الحال أي أخفوه متاعاً للتجارة، واشتقاقه من البضع فإنه ما